Page 227 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 227
225 ثقافات وفنون
كتب
«سردية السياج» ،ومع قصيدة تتعالق بين مكونات الطبيعة ،وتتأمل المشهدية بأكثر من صورة ،حيث
«سردية لست أبكي» ،والقصائد
قوى الطبيعة ،في حين أن القصائد «تنمو الصور في شكل عنقودي
الثلاثة تصور حالة الصراع
الفلسطيني الصهيوني ،حيث يقول التي تحمل عناوينها جملة إسمية أو مترابط يميل إلى وحدة شعورية
الشاعر في قصيدة «الشهيد»: فعلية تبرز فيها الأمكنة بما تحمله وإحساس واحد ألا وهو رفض
«مرج من شقائق النعمان /نبت
حيث سقط جسدك /زهور كثيرة كل ما هو منسجم ومؤتلف وبيان من رموز ودلالات.
صعدت للأعالي /حين رفعوك
على الأكف /ورفوف من أقواس مظاهر التفكك والانهيار الذي يغشى يغلب على الصور الشعرية في
قزح /تساقطت في المرج /حين
تدلت يداك /وانحنى رأسك/.. الذات والعالم في آن واحد» .كما جميع السرديات التشخيص أو
حيث يقول في قصيدة «السياج»/:
يركضون إلى السياج /يزرعون نلحظ في قصيدة «الليلك نجمة»، أنسنة الأمكنة والأشياء ،فالقمر
أعلامهم /ويهتفون /:من البحر إلى مريض والجبال تذوب في العتمة
النهر /الحلم لم يمت /ثم يوقدون حيث يقول: والأرصفة مغسولة بمياه الفضة
«تح َت عباء ِة هذ ِه الليلة /العباء ِة والنجوم أفواه صغيرة والليل يشلح
الشموع». المنسوج ِة من خيو ِط سودا َء قاتمة/ ثيابه السوداء ،والغيوم مغسولة
إلى قصيدة «لست أبكي»« :جرافة في الظلا ِم الشديد /تتفت ُح أزها ُر
الليل /الأزها ُر الليلكية /وتن ُص ُب بالضوء..إلخ.
كبيرة جاءت /جرافة وجنود عرائ َشها المتهدل َة الأغصان /فو َق تستفيد نصوص السرديات من
مشاة /أسلحة وناقلات جنود/
وأنا وحدي /عيني واسعة بحجم الأسر ِة ال ُمن ّشا ْة /في شهقا ِت القصة المشهدية في التكثيف
الجرافة /ودمعة نافرة /طفلي تحت اللي ِل ال ُمتيقظ /والنجو ُم اللامع ِة والإيجاز والصورة والرموز
الردم /وابنتي الصغيرة تمسح الدم يمصابيحها المتلألئة /حيث تعز ُف والدلالات ،كما تستفيذ من تقنيات
عن جبهتها /وزوجتي /لا أعلم أين الفنون البصرية والفن التشكيلي
زوجتي /جديلة معفرة بالتراب/ ديك ُة آخر الليل». والجماليات البصرية ،فقد استطاع
بقية منديل /يرفرف على حجر/ الشاعر أن يوظف كل تلك العناصر
وأنا وحدي /دمعتي نافرة /ولست وهناك من المقاطع الشعرية التي والتقنيات في سردياته دون تكرار
للصورة الشعرية ،بل تتشكل
أبكي». انطوت عليها السرديات ما يبعث
من الملاحظ أن القصائد الثلاثة
جاءت مغايرة عن بقية قصائد على طرح الأسئلة الكثيرة عن أنا
الديوان في بعدها الدلالي ،وفي
لغتها ،وتراكيبها الشعرية ،وهذا لا الشاعر وفضائه الشعري ،تلك الأنا
يقلل من قيمتها الفنية ،وإنما جاءت
تحمل خطا ًبا مباش ًرا غير ما حملته التي تتوحد مع باقي الكائنات في
قصائد الديوان الأخرى الوجود ،لتبني عال ًما
حال ًما ،وتذوب الأنا
مع مكونات أو عناصر
الطبيعة ،فلم تعد الأنا
تملك خصوصيتها،
وإنما تتشكل في صور
تنزاح بدلالاتها نحو
مكون جديد في ثنائية
الموت والبعث ،كما في
قصيدة «الذئب».
استوقفتني قصيدة
«سردية الشهيد» ،في
تعالقها مع قصيدة جميل أبو صبيح عز الدين المناصرة