Page 224 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 224

‫العـدد ‪2١1٩‬‬          ‫‪222‬‬

                                                        ‫يسولبيتموبر‪٢٠٢٢٠٠٢٠‬‬

                                         ‫د‪.‬زياد أبولبن‬                       ‫قراءة في‬
                                                                             ‫«سرديات‬
                                                                             ‫مضيئة»‬
                                                                             ‫للشاعر جميل‬
                                                                             ‫أبو صبيح‬

     ‫في ُنظمها وأبنيتها‪ ،‬فالتجريب‬         ‫الرواية التي تداخلت فيها الأجناس‬    ‫إن شرعية قصيدة النثر لا أختلف‬
‫مشروع في الأشكال وال ُبنى الأدبية‪،‬‬               ‫الأخرى أو تقنيات جديدة‪.‬‬
‫وإن مستقبل قصيدة النثر سيؤسس‬                                                    ‫مع متّف ٍق حولها‪ ،‬فهناك عشرات‬
                                            ‫وتقع قصيدة النثر بقالب شعري‬        ‫بل مئات من المجموعات الشعرية‬
     ‫شرعيته في أجيال قادمة‪ ،‬فكل‬            ‫فيه موسيقى الشعر‪ ،‬ولكن ليست‬        ‫المطبوعة‪ ،‬ومن القصائد المنشورة‬
‫جديد مرفوض‪ ،‬وكل تجريب مدهش‬                                                      ‫في الصحف والمجلات‪ ،‬ووجود‬
                                                 ‫تفعيلات‪ ،‬وإنما نبر شعري‬     ‫جنس أدبي شعري ممت ّد عبر الشعر‬
  ‫خارج منظومتنا الثقافية التقليدية‬          ‫مدروس ضمن نظام الصوتيات‪،‬‬          ‫العربي في جوهره يدفعني لقراءته‬
  ‫يلاقي النفور والرفض‪ ،‬فلم تتع ّود‬         ‫وأي ًضا كثافة الشاعرية تتغير في‬   ‫ودراسته دراسة نقدية‪ ،‬أما ما يدور‬
                                         ‫النصوص‪ ،‬فهي كثافة متعلقة باللغة‬     ‫حول ظاهرة (الاستنساخ التقليدي)‬
    ‫الذائقة العربية على التنويع في‬          ‫والصور والحالة أكثر بكثير من‬       ‫فلم يقتصر على قصيدة النثر‪ ،‬بل‬
 ‫الأجناس‪ ،‬وإنما حافظت على ذائقة‬             ‫النصوص النثرية‪ ،‬فهي شاعرية‬       ‫يمت ّد إلى الأجناس الأدبية كلها‪ ،‬فهي‬
                                         ‫منسابة باتجاه الفكرة أو الموضوع‪،‬‬     ‫مشكلة عامة‪ ،‬وعلى النقد أن يغربل‬
   ‫أُحادية عبر العصور إلى أن جاء‬           ‫وليس باتجاه اللغة كما يحدث في‬        ‫و ُين ّخل ويبيّن ما هو غث وما هو‬
   ‫القرن العشرين‪ ،‬وما بعده‪ ،‬فقلب‬           ‫قصيدة النثر‪ .‬ومواصفات الإيقاع‬
‫الموازين‪ ،‬وتخ ّوف البعض على اللغة‬        ‫الداخلي في قصيدة النثر تعتمد على‬                             ‫سمين‪.‬‬
  ‫العربية بحكم المق ّدس أو المحرم‪.‬‬         ‫النبر من خلال اللفظة‪ ،‬وليس من‬            ‫فأرى أن قصيدة النثر ممتد‬
  ‫فشعراء قصيدة النثر كتبوا شك ًل‬          ‫خلال الجملة كما يحدث في بعض‬        ‫جذورها عبر مراحل تطور القصيدة‬
                                                                              ‫العربية‪ ،‬وهي تمتلك سمات الشعر‬
      ‫أدبيًّا جدي ًدا منطل ًقا من الشعر‬       ‫النصوص النثرية‪ ،‬مثل كتابات‬     ‫وخصائصه‪ ،‬ولكن ضمن انزياحات‬
‫والنثر‪ ،‬وترس ّم خطاه بهذه الصورة‪،‬‬                         ‫المتصوفة مث ًل‪.‬‬     ‫العمل الشعري أو النص الشعري‪.‬‬
 ‫والمصطلح جاء بعد ذلك‪ ،‬فلا ضير‬                                                    ‫كما حدث في انزياحات العمل‬
                                              ‫إن حرية التجريب في تشكيل‬         ‫النثري أو النص النثري‪ ،‬مث ًل في‬
   ‫في الأمر‪ ،‬وفي اعتقادي أن كتّاب‬              ‫قصيدة النثر يعود سببه لقلة‬
  ‫قصيدة التفعيلة لم يضعوا أمامهم‬          ‫الدراسات الجادة عن قصيدة النثر‬
   ‫المصطلح‪ ،‬وبدأوا يكتبون‪ ،‬وإنما‬
  ‫جربوا الشكل الجديد‪ ،‬أقصد ر ّواد‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229