Page 229 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 229
استخدم الشاعر المفارقة الناتجة عن هذا الشعب ،والتي لم يستطع
أن الطفل يلبس اللون الأبيض متخيًل الزمن أن يمحوها بل مازالت باقية
وهو يخوض في الطين بأنه سوف يصل
وجلبابه نظيف ،ومن المعروف أن اللون تتحدى الزمن منذ آلاف السنين
الأبيض يدل على النقاء والصفاء ،وهو محتفظة بألوانها الأصلية ،فلم
ما يتسق تما ًما مع نقاء وسريرة الطفل تؤثر فيها الرطوبة ولم تبدلها
عوامل التعرية المختلفة ،وتحكي
الذي لا يحمل حق ًدا ولا كراهية عن تاريخ حقبة من أزهى حقب
خلي اللون الباهت سايد متخي ًل وهو يخوض في الطين التاريخ المصري.
اوعى تحدد أي ملامح تافهة.. بأنه سوف يصل وجلبابه نظيف، فيأتى هذا العنوان كأحد أهم
ومن المعروف أن اللون الأبيض مداخل قراءة النص ،كما جاء
خير أو شر تصميم الغلاف أي ًضا ملائ ًما
هنا تتضح خبرة الشاعر بعالم يدل على النقاء والصفاء ،وهو للعنوان إذ هو عبارة عن رسم
الفن التشكيلي ،فالتبسيط في ما يتسق تما ًما مع نقاء وسريرة لوجه الملكة كليوباترا الفرعونية.
الرسم دونما الاهتمام بالتفاصيل فعند الولوج إلى قصائد الديوان
يسمى تلخي ًصا ،وهذا لا يقدر عليه الطفل الذي لا يحمل حق ًدا ولا نلحظ انتشار مفردات الألوان
سوى رسام لديه خبرة ،وقد تميز كراهية. بشكل لافت ،وكأن الألوان تسكنه،
الفنان حجازي في تلخيص رسوم بل يشكل عوالمه من خلالها،
الأطفال وأصبح علامة بارزة في أما في قصيدة (ملامح) وهي وكأنها قيثارته التي يعزف عليها
هذا الفن ،فكان يرسم الوجه عبارة قصيدة قائمة على فعل الأمر، مشاعره التي يبثها عبر القصائد،
عن خط بسيط على شكل دائرة مثل (ارسم ،خلي ،أوعى ،نشف ومن المعروف أن كل لون من
يضع بداخلها دائرتين صغيرتين امسح ،افرد ..إلخ) وكأن الذات الألوان له دلالة مختلفة عن
للعينين ،وقو ًسا صغي ًرا للفم ،إما الشاعرة متخفية خلف هذا الفعل، الأخرى ،هذه الدلالة تومئ أكثر
أن يكون فتحته متجهة لأعلى وأن هناك من يرشدها لترسم مما تفصح ،وتضفي معاني جديدة
أو لأسفل حسب حالة الفرح أو لوحة تشكيلية ،عبارة عن ملامح على الجملة الشعرية ،ففي أول
الحزن ،كما يقول الشاعر «ارسم وجه لشخص ما ،وكما يقول قصيدة في الديوان التي تحمل
خط بسيط للوش /وما تهتمش المثل الشعبي (الوش مراية) لأننا عنوان« :طفل» ،وفي أول سطر
بالتفاصيل» ،تظهر دلالة اللون نقرأ الشخصية من خلاله وما في
حيث يقول« :خلي اللون الباهت القلب يظهر عليه ،هنا تبدو دلالة فيها ،يقول:
سايد» ،ومن المعروف في موروثنا الألوان أكثر جلا ًء ووضو ًحا ،إذ لابس أبيض في أبيض
الشعبي أن اللون الباهت يدل على إن القصيدة كلها عبارة عن لوحة ماشي في وسط الوحل
ميوعة الشخصية ،وغموضها مشكلة رسمها الشاعر بالكلمات،
وعدم وضوحها كناية عن الخبث وأجاد في رسمها ،فيقول فيها: على طراطيف رجليه
متخيّل إنه هيوصل
ارسم خط بسيط للوش
وما تهتمش بالتفاصيل وهدومه نضيفة.
قصيدة قصيرة ومكثفة كمعظم
قصائد الديوان ،هنا استخدم
الشاعر المفارقة الناتجة عن
أن الطفل يلبس اللون الأبيض