Page 221 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 221

‫‪219‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأى‬

  ‫السلطات الأثيوبية الذي شيّد على‬        ‫بأنه حينما ترسم الحدود الجغرافية‬         ‫والتعاون في المجالات الحيوية‬
     ‫النيل الأزرق‪ ،‬وهو قيد الإنشاء‬          ‫مجال السياسة والاقتصاد‪ ،‬فإن‬          ‫كالطاقة والمياه والصحة‪ ،‬وظلت‬
    ‫حاليًا في أعلى مجرى النهر في‬           ‫العديد من التحديات المشتركة لا‬        ‫المنطقة ‪-‬بما فيها مصر‪ -‬تعاني‬
                                            ‫تعرف تلك الحدود‪ ،‬فالجوار غير‬         ‫من انخفاض منسوب مياه النيل‪،‬‬
  ‫أثيوبيا وتزايد منسوب مياه البحر‬            ‫المتعاون في هذا السياق كلفته‬     ‫وتراجع التنمية البشرية‪ ،‬والاعتراف‬
   ‫بشكل يدفع لتدفق المياه المالحة‬            ‫باهظة‪ ،‬ومواجهة تلك التحديات‬
  ‫في اتجاه المصب‪ ،‬يصبح التدهور‬              ‫بالعمل المحلي بمفرده لا يضمن‬            ‫بالتقصير نحو أهمية التعاون‬
                                                       ‫خروج آمن للأزمة‪.‬‬              ‫والتكامل الإقليمي في تأمين‬
      ‫البيئي تهدي ًدا وتحد ًيا أساسيًّا‬                                            ‫سلاسل توريد الغذاء من أجل‬
‫للأزمات العالمية‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬        ‫التوجه نحو الأمن المائي الإقليمي‪:‬‬     ‫سلامة الأمن الغذائي‪ ،‬والاستفادة‬
                                          ‫تعد مصر من أفقر دول العالم من‬        ‫من أسواق الطاقة الإقليمية وتبادل‬
   ‫إزالة الغابات والتآكل وانخفاض‬         ‫حيث نصيب الفرد من المياه العذبة‪،‬‬     ‫الخبرات والمعلومات لإدارة الأزمات‬
  ‫الإنتاج الزراعي الذي مهد الطريق‬                                              ‫المناخية والبيئية والطبيعية‪ ،‬حقيقة‬
   ‫للإبادة الجماعية في رواندا أثناء‬           ‫فلديها فقط (‪ )666‬متر مكعب‬         ‫نحن بحاجة للعودة وأ َّل نستسلم‬
  ‫حقبة التسعينيات‪ ،‬وبالتالي يمكن‬           ‫سنو ًّيا مقارنة‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬     ‫لقبضة الوباء أكثر من ذلك‪ ،‬لكن‬
 ‫أن تنتهي مصر إلى نفس المصير‪،‬‬              ‫بـ‪ 9800‬متر مكعب في الولايات‬             ‫هل سيغير الوباء من منظورنا‬
                                          ‫المتحدة(‪ ،)1‬ومع الازدياد السكاني‬      ‫للسياسات العامة؟ وهل سنستمر‬
    ‫حيث يواجه ما يقرب من (‪)95‬‬              ‫من المرحج أن تواجه مصر أزمة‬            ‫بنفس تلك السياسات المركزية‪،‬‬
 ‫مليون إنسان كارثة بطيئة الحركة‪،‬‬         ‫الفقر المائي خلال السنوات القادمة‪.‬‬    ‫وتجاهل سياسة الجوار المتعاون؟‬
‫من خلال سوء الإدارة البيئية‪ ،‬وعدم‬        ‫بالإضافة إلى ذلك‪ ،‬وبعد إنشاء سد‬         ‫بما في ذلك إعادة النظر وترتيب‬
  ‫التعاون الإقليمي‪ ،‬يحدث هذا الآن‬          ‫النهضة الأثيوبي بتمويل ذاتي من‬        ‫الأولويات في المنطقة‪ ،‬والإدراك‬

   ‫داخل دلتا نهر النيل‪ ،‬التى يعيش‬                                                                                        ‫الدلتا‬
      ‫فيها حوالي ‪ 45‬أو ‪ 50‬مليون‬

‫إنسان‪ ،‬وهو ما يمثل ‪ %2.5‬فقط من‬
‫مساحة الأراضي المصرية‪ ،‬ويعيش‬
‫الباقي داخل وادي نهر النيل نفسه‪،‬‬

     ‫وهو شريط من اللون الأخضر‬
     ‫المتعرج عبر مئات الأميال من‬
  ‫الرمال البرية‪ ،‬وعلى الرغم من أن‬
‫الدلتا والنهر م ًعا كانا مصد ًرا لثروة‬
   ‫وعظمة مصر‪ ،‬إلا أنهما يواجهان‬
  ‫الآن هجو ًما لا هوادة فيه من البر‬
   ‫والبحر‪ ،‬التهديد الحالي هو السد‬
  ‫الأثيوبي الضخم‪ ،‬حيث من المقرر‬
‫أن يكتمل هذا العام على منابع النيل‬
‫الأزرق‪ ،‬والذي يحجز نحو ‪ %59‬من‬

                  ‫مياه مصر‪)2(.‬‬
  ‫كذلك فإن حوض نهر النيل يعتبر‬

       ‫من أكبر أحواض الأنهار في‬
 ‫المنطقة‪ ،‬وتعتمد عليه مصر بشكل‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226