Page 106 - merit 43- july 2022
P. 106

‫العـدد ‪43‬‬   ‫‪104‬‬

                                                 ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

‫نصر سامي‬

‫(تونس)‬

‫البردة‬

‫مثل نقطة نون في كتاب الأساطير‪ ،‬أرى قدري وأنا‬          ‫كيف أكتب هذا السحاب المعلق في عينها؟ كيف‬
 ‫أتأرجح في فيضها قم ًرا‪ ،‬وألازمها مثل نور تربيه‬  ‫أنهض من رماد الأساطير تفاحة أنضجتها الرؤى؟‬
‫في صدرها‪ ،‬وتسميه صد ًرا‪ ،‬وتحنو عليه‪ ،‬وتعطيه‬
                                                     ‫كيف أكتب هذا الصباح المندى الذي يتسلل من‬
                                       ‫بردتها‪.‬‬     ‫صوتها؟ كيف أرسم شكل السماء التي تتوزع في‬
                     ‫هي في الحقيقة بردة الدنيا‪،‬‬    ‫فمها؟ كيف لي أن أقود خيول المجرات في شعرها‬

                                ‫وألحان الزمان‬                                    ‫وأضم الوجود؟‬
         ‫في ثوبها ألمح الأكوان ترفل فوق نافذتي‬                      ‫‪ ..‬سمائي نعم حينما تبسمين‪.‬‬
                                                              ‫سمائي نعم حينما تخلعين عليَّ الدثار‬
                             ‫وتسجد في مكاني‬
                            ‫كيف أرسل فكرتي‬                                    ‫وتردين عني الردى‬
                         ‫وأنا وحيد مع حصاني‬                      ‫وتنتظرين كعادتك أن يمر الجميع‬

                                    ‫في السهاد‬                      ‫لكي تجمعي من جنوني الرؤى‬
          ‫أؤم رس ًل آخرين وراء نجمات الثواني‬      ‫كيف أفتح ينبوع ذاكرتي كي أرى وأنا كلما شئت‬
                                                 ‫شيئًا تعتق حتى استوى كائنًا في حروفي‪ ،‬وها لغتي‬
                                    ‫أؤم رس ًل‬
                    ‫ثم أعرج كي أراك‪ ،‬أراك أنت‬       ‫تتبدل‪ ،‬تصبح مثلك رائية‪ ،‬تمس عروق الوجود‪،‬‬
                                                                         ‫وتفتح في الصمت ذاكرة‪.‬‬
                                     ‫أرى يديك‬
                 ‫تبادلان الليل أسرا ًرا وتسهران‬      ‫من يبادلني عمري كله بابتسامتها حين تبسم؟‬
                                                    ‫من يبادلني عمري كله بحكايتها حين تسرد بعد‬
                                     ‫وتسهران‬       ‫ترددها نصفها‪ ،‬ثم تنذرني بالصباح الذي ينهض‬
                                ‫تؤجلان الوقت‬
                                                                                 ‫من نومه باك ًرا؟‬
                                      ‫وتدفعان‬    ‫‪ ..‬تلك قصتها‪ ،‬تحب القصيدة‪ .‬وتعرف أن سماء بلا‬
                           ‫في عروق الليل فجرا‬
                                                    ‫نجمتين على بابها لا تكون سماء‪ ،‬لذلك تبحث في‬
                                    ‫وترقصان‬       ‫كلماتي عن الضوء‪ ،‬عن ضوئها‪ .‬بابتسامتها أتعلق‪،‬‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111