Page 111 - merit 43- july 2022
P. 111
109 إبداع ومبدعون
قصــة
محسن يونس
ثلاث شطحات
على ساقين ،لهم رأس أسود أو أبيض ،يحيرها ( )1انحسار كارثة لم يعلم بها أحد..
حركتهم الدائبة ،إلا أنها كانت مع ذلك تنتظر لحظة
تمكنها من الانقضاض الخاطف فى سهوة عند ثبات َ ْل َت ُك ْن َه ِذ ِه ا ْل َج َوا ِرح َت َت َكلَّم ُل َغة ا ْل َب َشر ،ولم يكن
البشر يتكلمون لغة الجوارح ،لذا لم يسأل أحد
حركتها ،أحد العقبان تشاجر مع رخمة ،توسع من أين جاءت ،إلا أن هذه الشطحة تعلم لغات
الشجار فطال أحد البوم ،تبادلوا نقر الرؤوس، الحيوانات كلها ،والطيور الجوارح منها والداجن
أي ًضا ،وكذا لغة الحشرات صرصورها ونملها،
تطايرت الكلمات: وكذا لغة الزواحف من ثعبانها لعقربها ،يبدأ السطر
-سأستخرج مخك بمنقارى ،كما سأفعل مع هذه الأول منها بإعلان ،أنه من الصحراء هاجمت عقبان
السهول بيضاء الرأس ،وهى المعروفة بتفضيلها
الكائنات..
-سأجعلك ترى موتك ،فأنا أتناول لحم الفريسة أكل الثدييات والزواحف والحشرات ،وبقايا
الحيوانات الميتة ،جثمت تراقب الشوارع والطرقات
وهى حية..
-لا أحد يهددنى ،بمخالبى أنتف ريشك واحدة بعد من فوق أطراف أسطح البيوت ،تنتظر لحظة ما،
لفعل ما ،مر بها فوج جليل من طيور الرخمة غطى
واحدة ،فتكون العارى بين جوارح.. الأفق الشرقى الذى جاء منه ،احتل أشجار الحدائق
هذه المشاجرات تحولت إلى معارك ،انتقلت كما
تنتقل النيران فى الخشب الجاف ،بين كل أنواع و ما زرع منها فى حدائق البيوت والشوارع ،قال
أحد العقبان لفرخه الصغير مشي ًرا إليهاَ « :ه َذا
الجوارح مرة واحدة ،وأصبح الفضاء يعج
بأصواتها من نعيق وصراخ ،وأجنحة تلطم الهواء، َف ْوج ِمن الرخمة َيا هيثمى ،إنه مثلنا يأكل الثدييات
كانت المعارك بالفعل تخلف ري ًشا منزو ًعا بقسوة، وبقايا الحيوانات الميتة كذلك ،افهم وتعلم».
استقر الأمر ،لكن فجأة حولت هذه الجوارح
وبعض نتف اللحم المدماة ،وأمخاخ خرجت من بجلالها رؤوسها ملتفتة ،لسماعها على بعد
رؤوس الطيور المغلوبة تحرقها أشعة الشمس على
نعيب البوم المصاص ،تيقنت من حضور سربها،
مهل ،عيون فقئت وخلفت محاجرها ،أو ما زالت ليشاركها الأسطح والأشجار ،صاحت جميعها:
معلقة بجلدة ،والسماء تزحمها المناورات مرتفعة «حتى البوم العاشق للظلام غير عاداته ليحظى
أو منخفضة ،مائلة إلى جهة أو الجهة المعاكسة،
تتساقط جثث العقبان والرخمة والبوم ،وطيور بوجبة نهارية؟!».
لم يهمها كثي ًرا أن يكون لسؤالها إجابة ،كانت
رمامة أخرى كأنه مطر من لحم!! لحظتها تفكر فى وجبات لا تنتهى ،وهى تتأمل
غادر من تبقى حيًّا سري ًعا مختفيًا فى عمق خط هؤلاء الذين يسيرون فى الشوارع مرفوعى القامة
الأفق من ناحية الصحراء ،حل صمت ،وظهرت
السماء زرقاء إلا من بعض سحب بيضاء تعبر
سريعة ،كان الناس يمارسون حياتهم ،جاء عمال