Page 113 - merit 43- july 2022
P. 113

‫‪111‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

   ‫لرغباته واحتياجاته‪ ،‬جاءت الآلات‪ ،‬التى وسعت‬         ‫فعل الخير‪ ،‬كما يسعى بهما نحو فعل الشر على حد‬
   ‫من فظاعة الحرب‪ ،‬وسهولتها على الجانب الآخر‪،‬‬          ‫سواء‪ ،‬أراح الإنسان قدميه فترة من تاريخه الذى‬
  ‫هذا واحتفظت الجيوش الحديثة بالجنود الراجلة‪،‬‬          ‫يقضيه على وجه الأرض‪ ،‬عند اكتشافه الحيوانات‬
  ‫تسميهم المشاة‪ ،‬آاااه‪ ..‬طالما قلنا «المشاة» فنحن فى‬    ‫من البقر والجاموس إلى الحمير والخيول‪ ،‬إلا أن‬
 ‫حضرة الأرجل أو الأقدام‪ ،‬يسعى بها أي ًضا اللص‪،‬‬          ‫الاستخدام كان من نصيب الطبقة الميسورة التى‬
                                                           ‫تستطيع توفير المأوى والطعام للحيوان‪ ،‬فظل‬
     ‫وهو يسرق حبل الغسيل‪ ،‬أو البط أو البقرة أو‬        ‫الجنود الراجلة موجودون‪ ،‬مر زمن التحم الإنسان‬
    ‫الجحش‪ ،‬أو العجلة والموتوسيكل‪ ،‬لنعلم أن بين‬           ‫بالحديد معرف ًة‪ ،‬وتطوي ًعا‪،‬‬
    ‫طائفة اللصوص طبقية حادة‪ ،‬فمنهم من يمزق‬            ‫أخضع الإنسان الفلز‬
   ‫الجيوب فى زحام الأسواق أو المواصلات‪ ،‬يسرق‬
   ‫الساهى فيها أو النائم‪ ،‬تتسع الطائفة وطبقيتها‪،‬‬
  ‫هناك من يسرق الخزائن والنفائس من الشركات‬
   ‫والبيوت والفيلات‪ ،‬وهناك منهم من يدخل ذمته‬
 ‫ملايين الجنيهات بكلمة فقط‪ ،‬دون أن تلمس قدماه‬
‫الأرض‪ ،‬هى مهنة فى العموم تقود صاحبها الأرجل‪،‬‬
   ‫فلا يمكن للص أن يكون مري ًضا بخشونة الركبة‬
 ‫أو التواء الكاحل‪ ،‬أو حتى النقرس‪ ،‬احتمالية هجوم‬
    ‫آلامه المتمركزة فى مشط القدم أو أصابعها أثناء‬
‫وجوده فى أرض معركته خسران مبين لكل خططه‪،‬‬

           ‫نعم معركته‪ ،‬أليس موجو ًدا فى معركة؟!‬
    ‫يقود اللص نفسه بنفسه‪ ،‬هو جيش نفسه‪ ،‬عليه‬
   ‫أن يفكر‪ ،‬عليه أن يضع خطة لا تخر منها خيبة‪،‬‬
    ‫سواء أكان اللص فى بناية أو خلف مكتب مكيفة‬
  ‫حجرته‪ ،‬يرتدى الجلباب أو بزة ورباط عنق‪ ،‬عليه‬
   ‫أن ينفذ وحده أو مع أصحاب له‪ ،‬عليه أن يقتحم‬
 ‫بلا تردد‪ ،‬وأن يتمتع بقدرة عالية الحساسية تجاه‬
‫المفاجآت‪ ،‬تجاور قدرة على التجاوز بسرعة وحسم‪،‬‬
 ‫بينما يتحرك بقدميه فى المكان كأعظم مايسترو فى‬
‫حالة رئاسته فصيلة من أتباع‪ ،‬عليهم تنفيذ قراراته‬
‫بشكل آلى‪ ،‬ولا وقت للثرثرة بالأسئلة حتى لو مرت‬
 ‫بخاطر أحدهم‪ ،‬القصد هنا أن اللص تعمل عيناه‬
   ‫ويداه‪ ،‬ومن قبل عقله وبصيرته فى قيادة‬
 ‫القدمين فى الظلام بسلاسة‪ ..‬هناك صنف‪،‬‬
   ‫وهو من يريحون أقدامهم من حمل حتى‬
‫أجسادهم‪ ،‬ويسرقون وهم جلوس فى مكاتب‬
 ‫وصفت من قبل بأنها مكيفة الهواء‪ ،‬مفروشة‬
‫بفرش فخمة‪ ،‬بينما ينقلون سا ًقا كانت موضوعة‬
   ‫على ساق‪ ،‬فى وضعية تريح عضلاتهم التى‬
     ‫أرهقها الملل‪ ،‬للأقدام طبعات مختلفة‪ ،‬وإن‬

     ‫كانت متشابهة من حيث التركيب وطريقة‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118