Page 112 - merit 43- july 2022
P. 112

‫العـدد ‪43‬‬   ‫‪110‬‬

                                                                ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

                                  ‫بربع الساعة!!‬                   ‫النظافة‪ ،‬حملوا الطيور الميتة إلى سيارات القمامة‪،‬‬
           ‫‪ -‬يبدو أننا أخطأنا فى حساب المسافة!!‬                 ‫كنست الشوارع بعدها‪ ،‬أثناء ذلك لم يفكر –بالطبع‪-‬‬
      ‫مالت الشمس فوقهم نحو الغرب‪ ،‬كان قد مر‬
‫الزمن المقدر‪ ،‬ولم يرسو القارب إلى الجزيرة‪ ،‬ظللوا‬                  ‫أحد فيما كانت تفكر فيه هذه الجوارح‪ ،‬وما كانت‬
      ‫أعينهم براحات أيديهم‪ ،‬كانت ما زالت بعيدة‪،‬‬                     ‫مقبلة على فعله لو كانت الأمور وافقت رغبتها‪،‬‬
   ‫تضاحكوا كثي ًرا إذ أشار واحد منهم إلى أنهم قد‬
‫هرموا وأصابتهم الشيخوخة‪ ،‬أسرع كل منهم بنفى‬                       ‫توقف حديثهم عند ظاهرة وجود طيور بكثرة غير‬
    ‫ما قاله جمل ًة وتفصي ًل‪« :‬نحن فى كامل الشباب‬                 ‫معهودة وبسبب غير معروف‪ ،‬كما أنها اختفت بلا‬
     ‫ما عداك‪ ..‬أنسيت أنك أكبر من كل منا بخمس‬
                                                                                        ‫سبب غير معروف أيضا!‬
                                     ‫سنوات؟»‪.‬‬
   ‫مر وقت ليجعل الشمس تدخل جيب المغيب‪ ،‬وما‬                      ‫(‪ )2‬هوووه‪ ..‬يا لهذا الامتداد!!‬
  ‫زالت جزيرة صباهم وشبابهم وذكرياتهم بعيدة‪،‬‬
‫والقارب تلطمه من الجانبين الأمواج‪ ،‬وتلفهم رياح‪،‬‬                 ‫ركب عدة رجال قار ًبا فى نزهة‪ ،‬حددوا وجهتهم بعد‬
                                                                ‫أن أشار أحدهم بسبابته نحو جزيرة فى البحر تبعد‬
                                ‫وبعض البرودة!‬                   ‫عن اليابسة التى يبحرون منها بحوالى ربع الساعة‪،‬‬

      ‫(‪ )3‬العدو‪ ..‬اللص‪ ..‬العظام‪..‬‬                                  ‫ضحك الآخرون إذ تذكر كل واحد منهم ذكريات‬
                                                                  ‫حدثت له فوق أرضها‪ ،‬كلها تصب فى خانة المتعة‪،‬‬
           ‫أجبرتنا ا ْل ِع َظام المكتشفة إ َل ال ُّد ُخو ِل ِف‬
             ‫ُم َنا َق َشة‪ ،‬والمناقشة تفرعت إلى ظنون‬                     ‫واللعب‪ ،‬مع قدر كبير من الفكاهة والمرح‪..‬‬
             ‫متضاربة‪ ،‬كان الزمن القديم حاض ًرا‬                      ‫وقف واحد منهم عند مقدمة القارب‪ ،‬وأشار لمن‬
                                                                 ‫يجلس فى المؤخرة‪ ،‬ليبدأ تشغيل المحركة‪ ،‬ظل واق ًفا‬
         ‫أمامنا‪ ،‬وقد دارت بعض قناعاتنا وظنوننا‬                  ‫بمكانه حاضنًا صدره بذراعيه‪ ،‬ناظ ًرا نحو الجزيرة‬
          ‫أي ًضا‪ ،‬كت ًفا بكتف من أنه على مر التاريخ‬
                                                                                               ‫التى يقصدونها‪..‬‬
               ‫القديم حاربت الجيوش راجلة‪ ،‬أى‬                      ‫تشاغل الآخرون‪ ..‬واحد منهم وضع يده فى الماء‪،‬‬
                  ‫أن جنودها يستخدمون أقدامهم‬
                 ‫فى قطع الفيافى‪ ،‬وصعود الجبال‪،‬‬                         ‫وهى تجعله يصطدم بها‪ ،‬ويرتفع نتيجة هذا‬
                 ‫وتخطى الموانع المائية‪ ،‬والحواجز‬                  ‫رشاش‪ ،‬وكثير من الفقاعات الهوائية‪ ،‬التى تموت‬
                       ‫المصنوعة من الحجارة أو‬                   ‫لحظة تكوينها‪ ،‬واحد جلس أمام الماسك بيد المحرك‪،‬‬
                 ‫الخشب‪ ،‬وما على شاكلتها‪ ،‬وعند‬                    ‫طلب منه أن يبتعد ليرى طريقه فى البحر‪ ،‬رد عليه‬
                     ‫الالتحام تلتحم‪ ،‬وهى تجرى‬                     ‫أن الطريق فى خط مستقيم لا اعوجاج فيه‪ ،‬صاح‪:‬‬
                        ‫أو ًل مندفع ًة نحو الخصم‬                   ‫«ثبت يد المحرك‪ ،‬وسوف نصل بعد دقائق»‪ ،‬كان‬
                         ‫على أقدامها‪ ،‬رافعة نو ًعا‬                ‫مصم ًما أن يسمع منه بقية حكاية بدأها على البر‪،‬‬
                              ‫من السلاح يخص‬
                             ‫فترتها الزمنية‪ ،‬من‬                                        ‫ولم يستطع كبت فضوله!!‬
                            ‫يقف ثابتًا على قدميه‬                ‫صاحا على الواقف فى المقدمة أن ربع الساعة انتهى‪،‬‬
                               ‫ربما حالفه الحظ‬
                          ‫ليعيش أطول‪ ،‬أو يتلقى‬                    ‫فما الذى يمنعه من مناداتهم بعمل مناورة الرسو‬
                         ‫إصابات طفيفة‪ ،‬كل ذلك‬                                                      ‫إلى يابستها؟!‬
                    ‫يعلى من قيمة وجود القدمين‬
                ‫للإنسان‪ ،‬فهو يسعى عليهما نحو‬                      ‫كأنه كان نائ ًما واستيقظ من سبات عميق‪ ،‬يحتاج‬
                                                                    ‫للتثاؤب والتمطى‪ ،‬وقذف ذراعيه فى كل ناحية‪:‬‬
                                                                                   ‫«ماذا تقولون؟! لم نصل بعد»‪.‬‬

                                                                ‫اشرأب رجلان أو ثلاثة‪ ..‬ربما أربعة‪ ،‬برقابهم ليروا‬
                                                                    ‫أن الجزيرة فى مسافة قدروها بربع الساعة‪ ،‬فى‬

                                                                ‫دهشتهم نظروا للخلف حيث بدأوا إبحارهم‪ ،‬وجدوا‬
                                                                  ‫قاربهم يبتعد عن مكان بداية إبحارهم بزمن يقدر‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117