Page 167 - merit 43- july 2022
P. 167

‫‪165‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

            ‫نعوم تشو ِم ْسكي‬            ‫روبرت دال‬                      ‫الآخرين لأنهما غير مؤهلين‬
                                                                      ‫لاتخاذ القرارات‪ .‬إن ما يذهب‬
    ‫العنصرية القائمة على أساس‬      ‫للغرب اشتد منذ احتلال الكيان‬        ‫إليه هو عينه فكرة الوصاية‪.‬‬
   ‫من المصلحة‪ ،‬تلك التي تتحرك‬     ‫الصهيوني لفلسطين عام ‪،1948‬‬          ‫فأولئك غير المؤهلين كما يرى‬
 ‫على أساس من القول إما معنا أو‬                                      ‫الفكر الغربي الحديث والمعاصر‬
   ‫ضدنا‪ .‬وهذا ما يؤكد الفرضية‬       ‫والحروب العدوانية العنصرية‬     ‫إذا ما ُترك لهم العنان سيؤثرون‬
   ‫التي ذكرناها في المقدمة ونعنى‬   ‫ضد العرب عام ‪ 1956‬و‪1967‬‬
  ‫تغلغل ظاهرة التمييز العنصري‬     ‫و‪ 1973‬وداخل لبنان وفلسطين‬                   ‫بالسلب لا بالإيجاب‪.‬‬
 ‫داخل السياسة الغربية‪ ،‬وخاصة‬                                            ‫وهكذا تتكشف لنا عنصرية‬
  ‫في ردود أفعاله حاليًا على حرب‬       ‫من وقت لآخر‪ ،‬وما تلا ذلك‬       ‫الغرب وهو ما يتجلى في ردود‬
     ‫روسيا وأوكرانيا من ناحية‪،‬‬     ‫من عدوان أمريكا على ليبيا عام‬  ‫أفعاله الصاخبة على حرب روسيا‬
   ‫والاحتلال الإسرائيلي وجرائمه‬     ‫‪ ،1986‬ثم حصارها واحتلالها‬      ‫وأوكرانيا من ناحية‪ ،‬وصمته عن‬
   ‫المرتكبة في فلسطين من ناحية‬                                        ‫الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه‬
   ‫أخرى‪ .‬فهل آن الأوان لأن نقرأ‬              ‫للعراق عام ‪.2003‬‬        ‫المرتكبة في فلسطين من ناحية‬
     ‫الفكر الغربي قراءة صحيحة‬      ‫وهكذا يتضح لنا مرة أخرى أن‬         ‫أخرى‪ .‬وفي هذا الصدد يمكن‬
‫وكذلك السياسات القائمة عليه أم‬    ‫الفكر الغربي منذ بداياته وحتى‬    ‫الإشارة إلى محاكمة المفكر الكبير‬
‫سنظل نتخبط يمينًا أو يسا ًرا دون‬    ‫يومنا الراهن يقوم في جوهره‬        ‫جارودي بقانون الجرائم ضد‬
 ‫أن يكون لنا موقف محدد يرتكن‬      ‫على أساس من فكرة العنصرية‪،‬‬        ‫الإنسانية‪ ،‬والذي كان قد صدر‬
‫بدوره على أسس فكرية نابعة من‬      ‫والتعامل مع العرب بوجه‪ ،‬ومع‬       ‫عام ‪ 1990‬عن الجمعية الوطنية‬
                                   ‫أقرانه من الدول الغربية بوجه‬        ‫الفرنسية (البرلمان)‪ ،‬غير أن‬
     ‫واقعنا لا من الواقع الغربي‪.‬‬    ‫آخر‪ ،‬أعني أنه يكيل بمكيالين‪.‬‬    ‫هذا القانون المناصر في حيثيات‬
                 ‫‪---------‬‬                                              ‫إقراره للأجانب في مواجهة‬
                                     ‫لذا كان من البديهي أن تأتي‬      ‫العنصرية الصاعدة‪ ،‬إذ شهدت‬
‫أستاذ الفلسفة السياسية ورئيس‬           ‫سياساته على أرض الواقع‬          ‫فرنسا في الثمانينيات حالات‬
‫قسم الفلسفة‪ ،‬كلية الآداب جامعة‬                                       ‫للتعدي على العرب‪ ،‬وقتلهم‪ ،‬لم‬
                                    ‫تجسي ًدا لهذا الفكر العنصري‪،‬‬     ‫يستفد منه إلا الصهاينة‪ ،‬وذلك‬
                       ‫سوهاج‪.‬‬     ‫وإن أضافوا في الحقبة المعاصرة‬     ‫عندما طالبت المنظمة الصهيونية‬
                                                                  ‫المتطرفة «ليكرا» محاكمة جارودي‬
                                     ‫شك ًل جدي ًدا للعنصرية وهي‬       ‫بتهمة معاداة السامية وبتهمة‬
                                                                   ‫إنكار البربرية الهتلرية من خلال‬
                                                                       ‫التشكيك بالجرائم النازية في‬
                                                                      ‫حق اليهود‪ ،‬ولا سيما المحرقة‬

                                                                                  ‫(الهولوكوست)‪.‬‬
                                                                  ‫وهكذا وصلت العنصرية الغربية‪،‬‬

                                                                    ‫والأمريكية خاصة‪ ،‬تجاه العرب‬
                                                                       ‫إلى حدود العدوان الخارجي‬

                                                                  ‫لترسيخ النفوذ الأجنبي وتقويض‬
                                                                  ‫أية إمكانية للنهضة‪ ،‬بل وإضعاف‬

                                                                          ‫الذات القومية‪ ،‬واستغلال‬
                                                                    ‫الثروات‪ ،‬وهذا الوجه العنصري‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172