Page 166 - merit 43- july 2022
P. 166
العـدد 43 164
يوليو ٢٠٢2
المختلفة ،الأمر الذي يجعل من التبرير الأيديولوجي لعقيدة أو في الحضارة اليونانية ،فإنها
الولايات المتحدة الأمريكية قطبًا مذهب سياسي بعينه ،خاصة اس ُتبعدت من المشاركة في الحياة
أوح ًدا هو من يأمر وعلى العالم عندما يتعلق الأمر بالمصالح
السياسية في العملية الديمقراطية السياسية عند معظم الفلاسفة
أجمع أن ينفذ أوامره. الأمريكية ،وكذلك عند عملية المحدثين وخاصة جيمس مل
والأمر يتجلى بوضوح عند مطالعة اتخاذ القرارات الحكومية على
وجون ستيوارت مل ..وإذا
فكر نعوم تشومسكي .فإذا ما المستويات الدولية. كانت الحقبة الحديثة -أعني بها
طرحنا سؤا ًل على القارئ العربي ومن هنا وفي الحقبة المعاصرة عصر النهضة وعصر التنوير-
يدور حول :أي من المفكرين لم يختلف الأمر كثي ًرا ،بل هي نقطة البداية الفعلية لبناء
الغربيين كان مداف ًعا بشكل ازداد وضو ًحا وتعقي ًدا في ذات الحضارة الغربية المعاصرة ،فإنها
أكثر عن قضايا العرب؟ سنجد حوت في جوهرها فكرة العنصرية
أن الإجابة عند الغالبية العظمى اللحظة .فالعنصرية أصحبت التي لم تكن قاصرة على المجتمع
تحمل اسم نعوم تشومسكي. أكثر وضو ًحا وأشكالها أضحت
ومع ذلك عندما ُسئل تشومسكي الواحد ،بل تجاوزته للمجتمعات
عن من هو الإرهابي؟ أجاب بأنه أكثر تعقي ًدا وتنو ًعا .وإذا ما الخارجية .وبعبارة أخرى إن
طالعنا الفكر الغربي المعاصر العنصرية لم تكن قاصرة على
النفط السعودي! لوجدنا أن معظم الأقلام التي
إن هذا يدفعنا إلى التشكيك في شهدت ذيو ًعا وانتشا ًرا و ُترجمت السياسة الداخلية وإنما تجاوزتها
الديمقراطية الأمريكية ،التي تقوم مؤلفاتها إلى معظم اللغات اكتست لتحوي السياسة الخارجية .ذلك
في جوهرها ،على المستوى الدولي، بالطابع العنصري من الألف الأمر الذي كشفت عنه حنا آرندت
على سياسة التسلط والاستبداد إلى الياء .فنهاية التاريخ عند
والقمع والتطرف والعنصرية فوكوياما مرادفة لاستقرار الأمر موضحة أن العنصرية مثلت
والعنف ضد السود .ويتجلى الأمر للديمقراطية الليبرالية الأمريكية جوهر ممارسات الإمبراطورية
بشكل أكثر وضو ًحا عند إمام وفرض سيطرتها وهيمنتها البريطانية وكذلك الفرنسية .تلك
الديمقراطية الغربية المعاصرة، على العالم على كافة المستويات
التي كانت تنظر إلى الشعوب
وأعني الفيلسوف الأمريكي أرسطو طاليس الأخرى نظرة احتقار وتعيد إلى
«روبرت دال» ،Robert Dahl الأذهان التصور الإغريقي بأن
سائر الشعوب الأخرى برابرة.
فعند حديثه عن الديمقراطية وتخلص آرندت إلى أن هذه النزعة
يقسم الدول إلى ثلاثة أنواع: العنصرية بالإضافة إلى الرغبة
-دول ديمقراطية. في التوسع وتهميش القانون
-دول حديثة العهد بالديمقراطية. وتقديم المبررات الأيديولوجية
-دول تحبو صوب الديمقراطية. كانت مكو ًنا رئيسيًّا من مكونات
وعلى الدول الديمقراطية أن المجتمع الصناعي الأوروبي
تأخذ بيد الدول حديثة العهد الحديث.
بالديمقراطية والدول التي يمكن القول إنه على الرغم من
تحبو صوب الديمقراطية حتى شيوع استخدام «التعددية
يتسنى لها بلوغ الديمقراطية،
السياسية» في الثقافة الغربية ،في
ولكن في تلك المرحلة السابقة الحقبة المعاصرة ،فإنه لا يوجد
لبلوغ الديمقراطية يحق للدول تعريف واحد متفق عليه لهذا
الديمقراطية فرض الأمور على
المصطلح؛ ناهيك عن أن المصطلح
الدول التي تنتمي للنوعيين -خاصة في الثقافة الأمريكية -قد
يخفي في طياته أحيا ًنا نو ًعا من