Page 161 - merit 43- july 2022
P. 161

‫‪159‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

       ‫‪ -2‬تمثل أخلاقيات الحرب‬            ‫‪-‬كما كانت عليه الحالة بالنسبة‬      ‫وسادت فترة ما بين الحربين‪.‬‬
  ‫نموذ ًجا أنسانيًّا بالدرجة الأولى‪،‬‬  ‫إلى شيرمان‪ -‬كانوا أكثر استعدا ًدا‬        ‫كما أن الوصف الذي تقدمه‬
   ‫حيث إنها تعبر دائ ًما عن سعي‬        ‫للقيام بأي شيء يرونه ضرور ًّيا‬
                                                                           ‫للكيفية التي تتصرف بها الدول‬
     ‫الإنسان المستمر نحو الأمان‬           ‫لضمان تحقيق النصر‪ .‬قيا ًسا‬       ‫عادة هو وصف دقيق إلى درجة‬
          ‫وإنهاء حالات الحروب‪.‬‬             ‫على ذلك فإن الحاجة لهزيمة‬       ‫تثير الإحباط‪ .‬فالقرن العشرون‬
                                       ‫النظام النازي الاستبدادي البشع‬    ‫قدم فقط أمثلة عديدة للغاية لدول‬
      ‫‪ -3‬يبدو واض ًحا أن وجود‬           ‫كان من شأنها أن تبرر القصف‬
     ‫الحروب ‪-‬سواء كانت عادلة‬           ‫الجوي البريطاني للمدن الألمانية‪،‬‬       ‫قوية تهاجم وتخضع أخري‬
    ‫أو غير عادلة‪ -‬مرتبط بوجود‬                                               ‫ضعيفة بد ًءا بهجمات هتلر على‬
‫الإنسان حيث المصالح ومشكلات‬                  ‫وهو القصف الذي بدأ بعد‬       ‫تشيكوسلوفاكيا وبولندا ومرو ًرا‬
      ‫الأمان الإنساني وما يتصل‬          ‫الهجوم الألماني على كوفنتري في‬     ‫بهجمات الاتحاد السوفييتي على‬
                                        ‫نوفمبر‪ 1940‬وامتد حتى تدمير‬        ‫هنغاريا حتى غزو صدام حسين‬
                   ‫بوجوده كليًّا‪.‬‬                                          ‫الكويت جارته الأضعف‪ ،‬لم يكن‬
   ‫‪ -4‬أن دعاة السلام وحججهم‬              ‫دريسدين في ربيع ‪ ،1945‬وقد‬        ‫السعي وراء القوة والهيمنه حك ًرا‬
  ‫الدليل الصادق على سعي البشر‬          ‫ذكر تشرتشل في هذا الخصوص‪:‬‬          ‫على فقط على أشرار التاريخ‪ .‬كما‬
                                                                         ‫أن التوسع الاستعماري البريطاني‬
     ‫نحو السلام واعتبار السلام‬             ‫«وحدها قاذفات القنايل توفر‬
  ‫العالمي جز ًءا من الطبيعة الكونية‬             ‫وسيلة تحقيق النصر»‪.‬‬            ‫في كل من الهند وأفريفيا في‬
                                                                             ‫القرنين الثامن عشر والتاسع‬
                ‫الخاصة بالبشر‪.‬‬              ‫ليس من الحقيقي كذلك أن‬          ‫عشر أعطى من جانبه مث ًل على‬
   ‫‪ -5‬أن الدعم للحروب أو حتى‬          ‫الحرب لا يمكن تنقيتها وأن معاناة‬
   ‫الرفض لها يمثل معيا ًرا حقيقيًّا‬                                            ‫مقولة ثيوسيديس بالقانون‬
‫على أن البشر مختلفين فيما بينهم‪،‬‬          ‫الحروب كافة ومن دون تمييز‬        ‫الطبيعي العام والضروري الذي‬
    ‫وكل إنسان يمثل حالة فردية‬             ‫يتعذر تجنبها‪ .‬حيث إنه يمكن‬      ‫يخول الفرد السيطرة أينما يمكنه‬
   ‫فريدة خاصة‪ .‬فلسنا كلنا ندعو‬        ‫القيام بالحرب بطرق تجلب المعاناة‬
  ‫إلى السلام‪ ،‬ولسنا كلنا ندعو إلى‬      ‫بشكل أكبر وأقل‪ .‬فالقرار الخاص‬                               ‫ذلك‪.‬‬
     ‫الحرب‪ ،‬وإنما يظل لكل فريق‬        ‫بالدخول في الحرب من عدمه ليس‬         ‫ومن وجهة نظر الواقعية‪ ،‬يعتبر‬
   ‫رؤيته التي يسعي إلى تحقيقها‪،‬‬          ‫القرار الوحيد الذي تنطبق عليه‬
    ‫التي لا تعبر في النهاية إلا عن‬     ‫الأخلاقيات‪ ،‬بل إنها تسري كذلك‬         ‫السماح للاعتبارات الأخلاقية‬
                                        ‫على الأداء في الحرب وما يعقبها‪.‬‬    ‫بالتعارض مع ما يلزم القيام به‬
                    ‫وجوده هو‪.‬‬             ‫وفض ًل عن ذلك فإنه يمكن أن‬      ‫لتأمين النصر‪ ،‬بما يعينه ذلك من‬
      ‫‪ -6‬لا تمثل الحرب الشر في‬        ‫تكون هناك تقديرات مختلفة حول‬         ‫تأخير عملية إعادة السلام‪ ،‬خطأ‬
 ‫المطلق‪ ،‬لأن كل حرب لها أسبابها‬        ‫القرار بالذهاب إلى الحرب وكيفية‬     ‫يتسم بالغباء‪ ،‬فحالما تبدأ الحرب‬
    ‫التي تدعم كونها حر ًبا عادلة‪.‬‬      ‫إدارتها وإنهائها‪ .‬فالحرب العادلة‬   ‫تتوفق الأخلاقيات‪ ،‬ويصبح لزا ًما‬
 ‫‪ -7‬سوف تظل دائ ًما وأب ًدا هناك‬          ‫قد تدار بطرق غير عادلة‪ ،‬كما‬       ‫على القائد العسكري القيام بكل‬
    ‫حرب قائمة بين دعاة السلام‬          ‫أن الحروب غير العادلة يمكن أن‬        ‫ما يجب عليه القيام به لضمان‬
                                         ‫تفرز جنرالات عادلين من قبيل‬     ‫تحقيق النصر بأسرع وقت ممكن‪.‬‬
            ‫وبين أنصار الحرب‪.‬‬
 ‫‪ -8‬المدرسة الواقعية مدرسة لها‬                                ‫روميل‪.‬‬                ‫كثي ًرا ما ردد الساسة‬
  ‫تأثيرها القوي على أرض الواقع‬                                               ‫والعسكريون على مر العصور‬
‫وسوف تظل هكذا لأنها تعتمد على‬                 ‫التعقيب‬                       ‫صدى الواقعية التي دافع عنها‬
 ‫الحجج الواقعية‪ ،‬في حين أن دعاة‬                                            ‫الجنرال شيرمان لتبرير الأعمال‬
  ‫السلام اعتمدوا في خظابهم على‬        ‫‪ -1‬مفاهيم الحرب مفاهيم متعددة‬          ‫البغيضة التي اقترفوها خلال‬
                                      ‫ولا يمكن الاتفاق على معنى شامل‬       ‫الحروب تلبية للعسكرية‪ .‬وكلما‬
                ‫لغة المشاعر أكثر‬                                              ‫زاد اقتناعهم بعدالة قضيتهم‬
                                                    ‫يجمع كل الحالات‪.‬‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166