Page 165 - merit 43- july 2022
P. 165

‫‪163‬‬        ‫تجديد الخطاب‬

‫حنا آرندت‬  ‫جيمس مل‬                               ‫جون ستيوارت ميل‬        ‫من معدن الفضة فهم أصحاب‬
                                                                       ‫النفوس الفضية المؤهلين لحياة‬
   ‫جوهرها تحوي نزعة عنصرية‬            ‫يتسنى له المشاركة في الحياة‬       ‫الجندية‪ ،‬أما أولئك الذين ُخلقوا‬
      ‫واضحة على كلا المستويين‪.‬‬       ‫السياسية‪ .‬وهذا الأمر وفق ما‬       ‫من معدن النحاس فهم أصحاب‬
                                  ‫يرى قاصر على الإنسان اليوناني‬         ‫النفوس الشهوانية وهم العمال‬
   ‫فالقيصر هو الحاكم وما دونه‬                                         ‫وأصحاب الحرف والتجار‪ .‬الأمر‬
    ‫على المستوى السياسي مجرد‬                          ‫دون غيره‪.‬‬          ‫الذي يكشف لنا منذ اللحظات‬
                                   ‫هكذا نكتشف منذ اللحظة الأولى‬
      ‫عبيد أو خدم‪ ،‬ورجل الدين‬                                             ‫الأولى أن العنصرية بالنسبة‬
   ‫على الجانب الآخر هو المتحدث‬          ‫للحضارة الغربية أن فكرة‬       ‫لأفلاطون ليست مصطنعة‪ ،‬وإنما‬
                                     ‫العنصرية متأصلة بداخلها بل‬
      ‫باسم الرب‪ ،‬وبالتالي يمتلك‬   ‫وترد وجودها إلى الآلهة‪ ،‬ومن ثم‬       ‫هي أمر طبيعي ُوجد مع وجود‬
   ‫صفة القداسة التي يفتقر إليها‬                                          ‫الإنسان‪ ،‬ومردها إلى الآلهة لا‬
  ‫الآخرون‪ .‬الأمر الذي يكشف لنا‬                      ‫فهي مقدسة‪.‬‬        ‫البشر‪ .‬وإذا ما انتقلنا إلى أرسطو‬
  ‫أنه إذا كانت عنصرية الغرب في‬           ‫أما إذا انتقلنا إلى العصور‬       ‫لوجدنا أن النزعة العنصرية‬
    ‫الحضارة اليونانية قامت على‬        ‫الوسطى فإننا نجد أن النزعة‬         ‫لديه جلية وواضحة وخاصة‬
   ‫أساس من الجنس‪ ،‬فإن دافعها‬        ‫العنصرية كانت أكثر وضو ًحا‪.‬‬          ‫عندما يتحدث عن الرق‪ .‬فهو‬
‫الأساسي والمحرك لها في العصور‬         ‫فالعصور الوسطى في العالم‬          ‫كأستاذه أفلاطون يجعل الرق‬
    ‫الوسطى كان هو الدين‪ ،‬ولعل‬      ‫الغربي ‪-‬كما هو متعارف عليه‪-‬‬          ‫أم ًرا طبيعيًّا لأن الآلهة هي من‬
  ‫ذلك ما يفسر الحروب الصليبية‬          ‫قامت على الفصل بين ما هو‬      ‫خلقت البشر على هذه الشاكلة‪،‬‬
                                  ‫ديني وما هو دنيوي‪ ،‬الأمر الذي‬       ‫وبعبارة أخرى إن التمييز‬
             ‫على العالم الشرقي‪.‬‬    ‫تجسد في المقولة الشهيرة‪« :‬أعط‬     ‫العنصري أمر مقدس لأنه‬
      ‫وفي الحقبة الحديثة امتلأت‬     ‫ما لقيصر لقيصر وما لله لله»‪.‬‬       ‫من صنع الآلهة‪ .‬ويزداد‬
   ‫كتابات فلاسفة الغرب بالنزعة‬     ‫فالمتأمل لهذه المقولة يكتشف أن‬     ‫الأمر وضو ًحا عند حديث‬
  ‫العنصرية‪ ،‬وخاصة في موقفهم‬       ‫ظاهرها يوحي بالفصل بين الدين‬       ‫أرسطو عن الرق وخاصة‬
 ‫صوب المرأة‪ .‬فإذا كانت المرأة قد‬     ‫والسياسة فحسب‪ ،‬ولكنها في‬        ‫الرق الصناعي‪ .‬ذلك النوع‬
    ‫تم تجاهلها بشكل شبه مطلق‬                                         ‫الذي يرفضه بشكل مطلق‬
                                                                        ‫معل ًل ذلك بأنه لا يمكن‬
                                                                       ‫تخيل الإنسان اليوناني‬
                                                                      ‫عب ًدا نتيجة للحروب لأن‬
                                                                     ‫الآلهة خلقته ح ًّرا بطبيعته‪.‬‬
                                                                      ‫وتتجلى النزعة العنصرية‬
                                                                          ‫كذلك عند أرسطو في‬
                                                                     ‫تعريفه للمواطن‪ ،‬إذ يذهب‬
                                                                       ‫إلى أن المواطن‬
                                                                       ‫الحر هو من‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170