Page 206 - merit 43- july 2022
P. 206
العـدد 43 204
يوليو ٢٠٢2 بعي ًدا عن هوس الإعلام
والافتراضات وبلالين
بروسيا إلى عزلة مخيفة، وجبروته ،ويؤكد لحلفائه اختبار أجهزة الاستخبارات.
أشد من عزلة كوريا أنه قادر ليس فقط على فروسيا تستولي في طريقها
تركيع كل من يهدد أمنه على المحطات النووية
الشمالية .غير أن الأخطر والكهرومائية والكهروذرية
هو أنه بمحاولة فرض أمر وأمن روسيا ،بل وقادر على الأوكرانية وتسيطر عليها،
واقع جديد ،أضر بمصالح إبادته وتحويل دولته إلى لكي تكون ورقة مهمة
ليس فقط الغرب بمكوناته ركام ،بالضبط مثلما فعل ورابحة في مفاوضاتها
الثلاثة ،بل بمصالح روسيا في أوكرانيا .ولكن مرآة التالية ،والتي لا يعرف
أحد متى سيحين وقتها.
أو ًل ،ثم بمصالح الصين المشهد لم تعد تعكس بالفعل ولكنها ستأتي بعد أن
أي ًضا ،وبمصالح دول كثيرة الغرب بمكوناته الثلاثة ولا يفرض الرئيس الروسي
مطالب روسيا التي أقامت فلاديمير بوتين الأمر الواقع
في الشرق الأوسط .وهذا العالم وأقعدته بسببها .فماذا الروسي -البوتيني ليس
ما ستظهر تجلياته خلال سيفعل الرئيس الروسي بعد فقط على أوكرانيا ،وليس
الأسابيع الأخيرة من مارس أن يلتهم أوكرانيا ويصبح على الغرب فقط ،بل على
وجها لوجه مع حلف الناتو، العالم كله ،بعد أن ل َّوح
.2022 بالنووي وأمر بالفعل رفع
سواء في غرب أوكرانيا حالة التأهب لأسلحة الردع
الخدعة الروسية أو على الحدود البولندية الاستراتيجية .وفي يوم الأحد
6مارس ،قال بوتين لنظيره
في يوم الجمعة 1أبريل الأوكرانية؟! الفرنسي إيمانويل ماكرون
،2022ظهرت تصريحات في السادس من مارس ،قال إنه «سيحقق شروطه
وأهدافه سواء بالحرب أو
متشابكة ومختلطة وزير الخارجية الفرنسي
لوزير الخارجية الروسي «نحن والناتو والولايات بالمفاوضات».
المتحدة لسنا في حالة حرب في خضم هذا المشهد
سيرجي لافروف حول مع روسيا ،بل هي في حالة السريالي العجيب ،لا حظنا
نتائج المفاوضات الروسية حرب مع أوكرانيا»! هذه أهم أن الغرب لم يعد يتحدث
الأوكرانية ،حملت وجوها جملة قيلت منذ بدء الغزو معه عن مطالبه الأمنية
مختلفة ومتعددة ومتناقضة الروسي لأوكرانيا ،لأنها الأكثر صرامة وقسوة من
ليست مجرد جملة مكونة من مطالبه من أوكرانيا .بل لم
ومتضاربة ،وكانت دائ ًما عدة كلمات بقدر ما هي تعبير يعد بوتين نفسه يتحدث
مشروطة وغير مكتملة، سياسي -عسكري -أمني عن مطالبه للناتو والولايات
يعكس الواقع على الأرض، المتحدة .لقد أصبح مشغو ًل
وتقوم على افتراضات ويحدد بالضبط نطاقات عمل بأوكرانيا وفي أوكرانيا
وفرضيات .لقد أعطى كل طرف على أرض الواقع، لدرجة أنه يريد أن يلتهمها،
لافروف انطبا ًعا بأن أوكرانيا بصرف النظر عن الأمر ليغيظ جميع «الأعادي»
قاب قوسين أو أدنى من الواقع الذي يعتقد الرئيس ويثبت لشعبه مدى قوته
الموافقة على الاعتراف الروسي أنه فرضه ،وعليه
بأن شبه جزيرة القرم أن يحوله إلى أوراق ومكاسب
روسية ،وبأنها استسلمت سياسية وجيوسياسية في
للأمر الواقع ووافقت على
انفصال مدينتي دونيتسك القريب العاجل.
ولوجانسك .وبالتالي ،يبقى في الحقيقة ،اتجه الرئيس
فقط أن تغير أوكرانيا الروسي فلاديمير بوتين
دستورها لتثبت مبدأ الحياد
ونزع السلاح ،ومن ثم