Page 201 - merit 43- july 2022
P. 201

‫‪199‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫القومية المتنفذة في نسق‬       ‫هناك مخاوف‪ ،‬ولا تزال‬            ‫استيلائه على الجزء الذي‬
     ‫السلطة الروسية‪ ،‬داعية‬          ‫توجد‪ ،‬من تغيير الصفة‬             ‫يناسبه ويشعر فيه بأن‬
    ‫إلى إنهاء مسألة أوكرانيا‬     ‫النووية و»العسكرية» لعدد‬       ‫قواته ومصالحه في أمان ولا‬
    ‫بالاستيلاء عليها‪ .‬وكانت‬         ‫من الدول‪ ،‬وعلى رأسها‬          ‫يهددها أي خطر من جانب‬
      ‫الخلافات تدور بشأن‪،‬‬      ‫بيلاروس وأوكرانيا (نوو ًّيا)‪،‬‬     ‫الغرب الرأسمالي الإمبريالي‬
     ‫هل الاستيلاء على القرم‬     ‫وألمانيا واليابان (عسكر ًّيا)‪،‬‬        ‫أو من جانب «النازيين‬
                                 ‫لأن ذلك سيدخل العالم إلى‬            ‫والقوميين» الأوكرانيين‬
       ‫وسيفاستوبل وشرق‬             ‫دائرة جديدة من العنف‪،‬‬             ‫الذين يقاومون «الفتح»‬
   ‫أوكرانيا‪ ،‬أم الاستيلاء على‬
 ‫كل أوكرانيا‪ .‬ويبدو أن الأمر‬          ‫ومن الفراغ القانوني‬                ‫الروسي لأوكرانيا‪.‬‬
                               ‫الدولي‪ ،‬ومن اختلال موازين‬         ‫لقد أكد وزير الدفاع الدفاع‬
     ‫قد تأخر لمدة ‪ 8‬سنوات‬                                         ‫الروسي سيرجي شويجو‪،‬‬
    ‫كاملة‪ ،‬جرت خلالها مياه‬       ‫القوى وظهور دول جديدة‬           ‫في اليوم السادس من عملية‬
  ‫كثيرة‪ ،‬ولم تعد الأمور كما‬       ‫بصفات عسكرية ونووية‬
 ‫كانت عليه وقتها‪ .‬لقد اكتفت‬       ‫تتعارض مع ما تم إقراره‬            ‫غزو أوكرانيا‪ ،‬أن القوات‬
 ‫القيادة الروسية بضم القرم‬      ‫بنتيجة معاهدات واتفاقيات‪.‬‬       ‫المسلحة الروسية في أوكرانيا‬
 ‫وسيفاستوبل‪ ،‬ودق أسافين‬          ‫لكن المخاوف الأكبر تتعلق‬
   ‫في شرق البلاد (دونيتسك‬       ‫بإمكانية قيام روسيا بنشر‬             ‫ستواصل القيام بعملية‬
‫ولوجانسك)‪ .‬هذا أثار غضب‬                                           ‫عسكرية خاصة هناك حتى‬
   ‫الأجنحة القومية الروسية‬          ‫أسلحة نووية في شرق‬
    ‫آنذاك‪ .‬وفي الوقت الراهن‬         ‫أوكرانيا‪ ،‬في حال إذا لم‬         ‫تحقيق أهدافها‪ .‬وقال إن‬
 ‫تعلن نفس هذه الأجنحة عن‬       ‫يحدث اختراق للمواقف‪ ،‬وفي‬            ‫«حماية روسيا من تهديد‬
  ‫غضبها وتلوم القيادة لأنها‬        ‫حال ظل التصعيد يتزايد‬
‫لم تستمع لها بجدية «آنذاك»‪،‬‬          ‫بنفس الوتيرة‪ .‬خاصة‬              ‫عسكري من الغرب هي‬
   ‫لأنها لو كانت قد استمعت‬       ‫وأن كل تصريحات القيادة‬              ‫المهمة الرئيسية للعملية‬
‫«آنذاك»‪ ،‬لكانت الأمور أبسط‪،‬‬     ‫الروسية‪ ،‬خلال الأسبوعين‬          ‫الخاصة في أوكرانيا»‪ .‬بينما‬
  ‫ولكان قد تم ضم أوكرانيا‬      ‫الأولين من الغزو كانت تدعو‬       ‫دعا وزير الخارجية سيرجي‬
 ‫كلها بشكل سلس كما حدث‬             ‫للاعتقاد بأن موسكو في‬           ‫لافروف الولايات المتحدة‬
                                ‫طريقها ليس فقط للاستيلاء‬             ‫وحلف الناتو إلى سحب‬
              ‫في ضم القرم‪.‬‬         ‫على شرق أوكرانيا (أكثر‬       ‫الأسلحة النووية من أوروبا‪.‬‬
  ‫ويبدو أن اللقاء الأول الذي‬       ‫من نصف أوكرانيا)‪ ،‬بل‬         ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬بدأ الرئيس‬
 ‫جرى يوم الاثنين ‪ 28‬فبراير‬     ‫على كل أوكرانيا‪ ،‬ثم الإعلان‬             ‫البيلاروسي ألكسندر‬
‫في مدينة جوميل البيلاروسية‬         ‫عن خطط أخرى تما ًما لا‬        ‫لوكاشينكو يتحدث عن نشر‬
  ‫لم يسفر عن أي شيء‪ .‬وفي‬        ‫علاقة لها بسحب قواتها أو‬           ‫أسلحة نووية على أراضي‬
 ‫الواقع‪ ،‬فكل المؤشرات كانت‬       ‫الانسحاب من البلد الجار‪،‬‬            ‫بلاده‪ ،‬بل وبرفع درجة‬
‫تؤكد أنه كان «حوار طرشان»‬         ‫وإنما ستدور حول إقرار‬           ‫الاستعداد القصوى أي ًضا‪.‬‬
 ‫ولم تحدث فيه أي اختراقات‬         ‫بأمر واقع وتوازن نووي‬           ‫كل هذه التصريحات كانت‬
                                ‫على خطوط تماس واقعة إما‬          ‫تشير إلى إزاحات في الرؤى‬
      ‫لا للرؤى ولا للمواقف‪.‬‬     ‫في منتصف أوكرانيا أو على‬             ‫والمواقف أملتها ظروف‬
    ‫بل ولم تنجح موسكو في‬        ‫الحدود البولندية في الغرب‪.‬‬
     ‫دق أسافين بين الرئيس‬          ‫في عام ‪ ،2014‬تصاعدت‬                  ‫الغزو والاصطفافات‬
     ‫الأوكراني وفريقه وبين‬       ‫أصوات كثيرة من الأجنحة‬             ‫الدولية والإجراءات التي‬
  ‫النخب والأجنحة الأوكرانية‬                                        ‫يجري اتخاذها‪ ،‬سواء من‬
                                                                   ‫جانب الغرب أو من جانب‬
                                                                  ‫روسيا‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬كانت‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206