Page 275 - merit 43- july 2022
P. 275

‫‪273‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

      ‫الهيمنة والسيادة‪،‬‬      ‫وتؤكد الدراسة أن هناك‬          ‫الجرمانية‪ /‬الأوروبية‬
 ‫الأول هو الذات العربية‬      ‫اختيار وحيد كامن يمكن‬             ‫برمتها‪ ،‬عندما طور‬
                            ‫له انقاذ البشرية من وهم‬
     ‫ومفصليتها الثقافية‬                                   ‫المفكر الروسي ألكسندر‬
     ‫الكامنة مع ثوراتها‬          ‫الصراع على النظرية‬     ‫دوجين نظرية «الأوراسية‬
‫الجديدة‪ ،‬وهذا الطرف لم‬        ‫المطلقة بين ورثة هيجل‬
 ‫يقدم بعد تمث ًل واض ًحا‬    ‫وورثة ماركس في المسألة‬          ‫الجديدة» حول التمدد‬
‫رغم أنه حقق اشتراطات‬                                    ‫الجغرافي مجد ًدا من جانب‬
  ‫التجاوز للنموذج الذي‬          ‫الأوروبية‪ ،‬وهو الذي‬
  ‫يسبقه‪ ،‬لكن تناقضاته‬      ‫يتمثل في مشروع الثورات‬         ‫روسيا ومعها قوى البر‬
       ‫التاريخية لا تزال‬                                ‫المتحالفة معها‪ ،‬في مواجهة‬
  ‫تعوق تطوره وظهوره‬               ‫العربية ومفصليتها‬
 ‫كبديل سياسي واضح‪،‬‬               ‫الثقافية الكامنة التي‬       ‫قوى البحر الأطلسية‬
‫والطرف الثاني هو الذات‬        ‫خرجت في العقد الثاني‬        ‫بقيادة أمريكا‪ ،‬وما فعلته‬
    ‫الأوروبية و»الذهنية‬      ‫من القرن العشرين‪ ،‬لأن‬
  ‫الجرمانية» التي بعدما‬         ‫هذه الثورات الشعبية‬          ‫الدراسة أنها وضعت‬
 ‫استهلكت نفسها وانطفأ‬      ‫رفعت جماهيرها شعارات‬               ‫النقط فوق الحروف‬
                            ‫واضحة تتجاوز شعارات‬         ‫وسمت الأشياء بمسمياتها‬
       ‫وهج التدافع بين‬      ‫اليمين واليسار العربيين‪،‬‬    ‫التاريخية الثقافية الكامنة‪،‬‬
   ‫الليبرالية والماركسية‪،‬‬      ‫ولكن المشكلة في غياب‬       ‫في الصدام والحرب بين‬
‫تحاول الآن مد صلاحية‬             ‫التوحد العربي خلف‬      ‫الجرمان الشرقيين وقوى‬
                             ‫مشروع الثورات العربية‬      ‫البر أو «البرية» في روسيا‪،‬‬
      ‫هيمنتها عبر إعادة‬      ‫تلك وعدم الوعي بانتقال‬     ‫والجرمان الغربيين وقوى‬
  ‫إنتاج تناقضات جديدة‬      ‫الدورة الثورية من أوروبا‬         ‫البحر أو «البحرية» في‬
‫تشغل بها المشهد العالمي‬     ‫إلى العرب‪ ،‬لتسمتر الحياة‬      ‫الأطلسي وغرب أوروبا‪.‬‬
  ‫وتسحبه خلفها مجد ًدا‬      ‫في التطور والحركة بعي ًدا‬        ‫وكشفت الدراسة عن‬
‫بين ورثة النظرية المطلقة‬          ‫عن خرافة الوصول‬         ‫الأقنعة الثقافية الجديدة‬
                             ‫للنظرية المطلقة والنهائية‬       ‫التي يسخدمها المفكر‬
    ‫القديمة‪ ،‬وذلك تتمثل‬         ‫للوجود البشري التي‬          ‫الروسي دوجين ليبرر‬
    ‫إعادة إنتاج «المسألة‬     ‫خرجت مع هيجل المثالي‬        ‫الاستقطاب الجديد ويعيد‬
  ‫الأوروبية» في مشروع‬      ‫وورثته في الدولة الليبرالية‬     ‫إنتاج المسألة الأوروبية‬
  ‫الأوراسية الجديدة مع‬       ‫الديمقراطية‪ ،‬ومع تلميذه‬        ‫والصراع على النظرية‬
‫روسيا والجرمان البرية‬          ‫ماركس وورثة الدولة‬           ‫المطلقة ونهاية التاريخ‬
‫وغزو أوكرانيا‪ ،‬واتفاقية‬                                 ‫(التي وضعها بداية هيجل‬
    ‫أوكوس البحرية مع‬                      ‫الشيوعية‪.‬‬           ‫وتلميذه ماركس) في‬
   ‫أمريكا الديمقراطية في‬      ‫إذ يمكن القول إن العالم‬       ‫أشكال جديدة‪ ،‬الأقنعة‬
   ‫عهد بايدن والجرمان‬      ‫من زاوية ما يقف الآن بين‬           ‫الجغرافية (أوراسية‬
 ‫البحرية وتهديد الصين‪،‬‬        ‫طرفي معادلة حضارية‪،‬‬        ‫وأطلسية‪ ،‬برية وبحرية)‪،‬‬
  ‫مع تقديم عدة تباينات‬        ‫الطرف الأول يبحث عن‬            ‫والدينية (أرثوذكسية‬
    ‫وخطابات استقطابية‬         ‫الخروج للحياة وما زال‬         ‫وبروتستاتية)‪ ،‬وأقنعة‬
    ‫وأقنعة لزوم الحشو‬       ‫كامنًا حبي ًسا تحت الردم‪،‬‬
 ‫والتفاصيل‪ ،‬لخلق عملية‬                                             ‫هوياتية قبائلية‬
    ‫إعادة الإنتاج مجددًا‬        ‫والثاني يسعى لإعادة‬           ‫(إمبراطورية جرمان‬
                               ‫إنتاج نفسه واستمرار‬           ‫الشرق وإمبراطورية‬

                                                                  ‫جرمان الغرب)‪.‬‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280