Page 270 - merit 43- july 2022
P. 270

‫العـدد ‪43‬‬         ‫‪268‬‬

                                                              ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬      ‫بشعارات جديدة تصر‬
                                                                          ‫على تجاوز اليمين واليسار‬
     ‫في موقف الصين إزاء‬                ‫المتعددة‪ ،‬قوبلت هذه‬
   ‫إزاحة المكون العسكري‬                 ‫الثورات بمحاولات‬                         ‫رد الفعل لـ»المسألة‬
  ‫للمكون المدني في الثورة‬           ‫للاحتواء والتوظيف أو‬                                ‫الأوروبية»‪.‬‬
                                ‫التجاهل والرفض‪ ،‬فالموقف‬
               ‫السودانية‪.‬‬       ‫الغربي حاول احتواء المشهد‬                       ‫وهنا نذكر أن ثورات‬
   ‫من هنا سيكون التأكيد‬            ‫في بداية العقد الثاني مع‬                ‫الربيع العربي ‪-‬بموجتيها‬
   ‫على أن العالم يقف الآن‬         ‫أمريكا وغيرها من الدول‪،‬‬
‫بين مسارين أحدهما كامن‬               ‫وفي نهاية العقد كشف‬                      ‫الرئيسيتين‪ -‬قد حملت‬
    ‫ومضمر وربما مؤجل‪،‬‬              ‫الغرب عن وجهه المباشر‬                   ‫الأمل للعالم‪ ،‬الموجة الأولى‬
                                   ‫وظهر مشروع لاستلاب‬
     ‫والآخر معلن وظاهر‪،‬‬            ‫«الذات العربية»‪ ،‬بد ًل من‬                    ‫في بداية العقد الثاني‬
    ‫أحدهما يسعى لتجاوز‬                ‫محاولتها لـ»استعادة‬                    ‫من القرن العشرين مع‪:‬‬
                                    ‫ذاتها»‪ ،‬وهو ما تمثل في‬                    ‫تونس‪ ،‬ومصر‪ ،‬وليبيا‪،‬‬
      ‫«المسألة الأوروبية»‬          ‫«الاتفاقيات الإبراهيمية»‬                  ‫سوريا‪ ،‬واليمن‪ ،‬والموجة‬
      ‫بمتلازماتها الثقافية‬        ‫ومشروع «صفقة القرن»‬                       ‫الثانية في نهاية العقد مع‪:‬‬
‫وعقدها القديمة والجديدة‪،‬‬          ‫مع دونالد ترامب لتصفية‬                   ‫لبنان‪ ،‬والعراق‪ ،‬والجزائر‪،‬‬
     ‫والمسار الآخر يسعى‬                ‫القضية الفلسطينية‪.‬‬                    ‫والسودان‪ ،‬حملت الأمل‬
  ‫لاستعادة هذه «المسألة»‬          ‫أما على المستوى الشرقي‬                      ‫للعالم في ظهور نموذج‬
      ‫وإعادة إنتاجها‪ ،‬ففي‬               ‫فكانت روسيا أكثر‬                     ‫إنساني جديد‪ ،‬ذلك رغم‬
     ‫حقيقة الأمر الثورات‬        ‫وضو ًحا في تبنيها لتحالفتها‬               ‫تكسر الموجتين على صخور‬
    ‫العربية تسعى لتجاوز‬                ‫السياسية التاريخية‬
      ‫«المسألة الأوروبية»‬         ‫ووضعها في الاعتبار‪ ،‬كما‬                      ‫التناقضات السياسية‬
 ‫وشعاراتها يمينًا ويسا ًرا‪،‬‬       ‫حدث مع الثورة السورية‬                         ‫القديمة بين «دولة ما‬
                                     ‫التي تبنت فيها روسيا‬                      ‫بعد الاستقلال» بقلبها‬
        ‫وتجاوز التمثلات‬                ‫موقف «دولة ما بعد‬                     ‫العسكري‪ ،‬وبين اليسار‬
‫السياسية العربية رد الفعل‬           ‫الاستقلال» هناك ممثلة‬                     ‫والليبراليين من جانب‪،‬‬
                                  ‫في نظام بشار الأسد‪ ،‬كما‬                  ‫وفرق الدين السياسي من‬
     ‫التي تعبر عنها سلطة‬         ‫حضرت أمريكا وبقية دول‬
              ‫ومعارضة‪.‬‬             ‫المنطقة لتتفجر تناقضات‬                               ‫جانب آخر‪.‬‬
                                  ‫الثورة السورية‪ ،‬ويتوزع‬                      ‫وإلى جانب الأمل الذي‬
  ‫فما تطرحه الدراسة هنا‬            ‫دمها بين القبائل‪ ،‬وبقيت‬                    ‫حملته الثورات العربية‬
   ‫أنها تقدم تفسي ًرا جدي ًدا‬         ‫الصين على سياستها‬                    ‫ورغبتها في تجاوز الفرقاء‬
                                   ‫الخاصة تتفرج من بعيد‬                     ‫السياسيين بشعار قدمته‬
     ‫لـ»النمط الحضاري»‬                 ‫مشغولة بمشروعها‬                    ‫الثورة اللبنانية‪« :‬كلن يعني‬
       ‫الأوروبي‪ /‬الغربي‬            ‫الخاص‪ ،‬رغم حضورها‬                       ‫كلن»‪ ،‬كانت هناك المقاومة‬
                                  ‫القوى الذي بدأ يعلن ميله‬
 ‫السائد عالميًّا في المئتين أو‬   ‫للاختيارات الروسية شيئًا‬                       ‫الأقليمية لسعى هذه‬
   ‫الثلاثمائة سنة الأخيرة‬             ‫فشيئًا‪ ،‬وهو ما وصل‬                   ‫الثورات لـ»استعادة الذات‬
  ‫وصو ًل للذورة والصدام‬               ‫لذروته وكان واض ًحا‬                  ‫العربية» خاصة من جانب‬
      ‫الحالي‪ ،‬وتكشف عن‬                                                    ‫الدول العربية ذات الأنظمة‬
  ‫جذوره التاريخية الممتدة‬
                                                                                             ‫الملكية‪.‬‬
‫منذ العصور الوسطى وما‬                                                        ‫وعلى المستوى الخارجي‬
    ‫قبلها‪ ،‬وتطرح مستقبل‬
                                                                               ‫والصراع مع «المسألة‬
 ‫الوجود البشري في القرن‬                                                       ‫الأوروبية» في تمثلاتها‬
   ‫الحادي والعشرين وفي‬

 ‫اللحظة الحضارية الراهنة‬
      ‫وكأنه بين اختيارين‬
   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275