Page 265 - merit 43- july 2022
P. 265

‫‪263‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫الحضارية الأوروبية‪/‬‬            ‫الرومانية بمركزها في‬            ‫بدايات الألفية الجديدة‬
   ‫الغربية الثالثة‪ ،‬في طور‬      ‫إيطاليا‪ ،‬قامت تلك القبائل‬            ‫التفت البعض لتفجر‬
    ‫سيادتها الإمبراطوري‬       ‫بتأسيس الكيانات السياسية‬               ‫الحاضنة و»الذهنية‬

       ‫بعد الحرب العالمية‬         ‫لإسبانيا (قبيلة القوط)‬         ‫الجرمانية» إلى مكوناتها‬
   ‫الثانية وسقوط «البديل‬         ‫وفرنسا (قبيلة الفرنجة)‬         ‫القبائلية القديمة؛ إلى تيار‬
                                                                ‫أنجلو ساكسوني تتزعمه‬
     ‫الحدي» الآخر متمث ًل‬            ‫وألمانيا (قبيلة الألمان‬   ‫أمريكا‪ ،‬وتيار فرانكوفوني‬
     ‫في «المادية الماركسية»‬   ‫وغيرهم) وبريطانيا (قبيلتي‬
   ‫أي الاتحاد السوفييتي‪،‬‬                                           ‫تتزعمه فرنسا‪ ،‬وتيار‬
   ‫وانفراد «البديل الحدي»‬            ‫الأنجلو والساكس)‪،‬‬                ‫جرماني ينسب إلى‬
  ‫الآخر الذي تمثله أمريكا‬          ‫ثم قامت هذه الأخيرة‬
     ‫مع «المادية الليبرالية»‬        ‫أي بريطانيا (الأنجلو‬          ‫ألمانيا وتتزعمه‪ ،‬إذ «من‬
                                   ‫والساكس) بالتمدد في‬            ‫ذلك [الخلاف الأمريكي‬
               ‫بالسيطرة‪.‬‬       ‫العصر الاستعماري الكبير‬           ‫الأوروبي] سوف يحدث‬
‫فقد كانت بريطانيا تنتصر‬          ‫وأنشات عدة مستعمرات‬            ‫انقسام في إجمالي الموقف‬
                               ‫أصبحت دو ًل مستقلة تتبع‬
   ‫لثقافة الهوية الجرمانية‬    ‫الثقافة العليا ذاتها (الأنجلو‬          ‫الأوروبي لينتج هذا‬
    ‫العليا القبلية وتتجاوز‬       ‫والساكس أو التي عرفت‬             ‫الانشقاق ثلاثة تيارات‪،‬‬
     ‫كل قشور وشعارات‬            ‫بالأنجلوساكسونية)‪ ،‬مثل‬
       ‫التمثلات السياسية‬                                            ‫أولها التيار الأنجلو‪-‬‬
                                       ‫أمريكا وأستراليا‪.‬‬        ‫ساكسوني وثانيها التيار‬
‫والفكرية والفلسفية‪ ،‬كانت‬              ‫من ثم يمكن القول‬         ‫الفرانكفوني وثالثها التيار‬
    ‫بريطانيا تنتصر لقبيلة‬
                                        ‫إن قرار بريطانيا‬          ‫الجرماني‪ ..‬ويلاحظ أن‬
‫«الأنجلو والساكس» وترتد‬             ‫(الأنجلوساكسونية)‬               ‫التيارين الفرانكفوني‬
 ‫للمحددات الأولية للطبيعة‬           ‫بالخروج من الاتحاد‬
‫البشرية للموجة الحضارية‬           ‫الأوروبي؛ كان التصا ًقا‬        ‫والجرماني هما حاليًا في‬
                                                                   ‫حالة انسجام سياسي‬
        ‫الأوروبية الحالية‪،‬‬              ‫بأمريكا (الأنجلو‬
   ‫والتي تفتقد في جذورها‬         ‫ساكسونية) التي لم تكن‬         ‫واقتصادي بمواجهة التيار‬
                                                                ‫الأنجلو‪ -‬ساكسوني»(‪.)22‬‬
      ‫التاريخية لـ»المرونة‬          ‫تريد مناف ًسا ينازعها‬
     ‫الحضارية» وتتصف‬                   ‫الهيمنة على الموجة‬          ‫من هنا سيكون تفجر‬
  ‫بالتشدد نتيجة خروجهم‬                                                 ‫«مستودع الهوية»‬
‫من الغابة متأخ ًرا في القرن‬
   ‫الثاني والثالث الميلادي‬                                       ‫الجرماني الغربي متمث ًل‬
                                                               ‫في صعود المكون «الأنجلو‬
                  ‫تقريبًا‪.‬‬                                    ‫ساكسوني» هو التدليل على‬
    ‫ثم صعودهم بالتدريج‬
     ‫ليسيطروا على الموجة‬                                         ‫تفجر تناقضات «المسألة‬
                                                                    ‫الأوروبية» و»الذهنية‬
         ‫الثالثة بعدما فقد‬
        ‫النموذج الأوروبي‬                                       ‫الجرمانية» الكامنة خلفها‪،‬‬
      ‫في موجته الرومانية‬                                            ‫فالمعروف تاريخيًّا أن‬
   ‫الثانية سطوته‪ ،‬وسيطر‬
    ‫عليه التشدد الجرماني‬                                         ‫القبائل الجرمانية سكان‬
  ‫و»الذهنية الجرمانية» في‬                                          ‫شمال أوروبا أو شبه‬
    ‫نهاية حياته مع فظائع‬                                          ‫الجزيرة الإسكندنافية‪،‬‬
                                                                    ‫عندما هاجموا الموجة‬

                                                              ‫الحضارية الأوروبية الثانية‬
                                                              ‫التي تمثلت في الإمبراطورية‬
   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270