Page 266 - merit 43- july 2022
P. 266

‫العـدد ‪43‬‬         ‫‪264‬‬

                                                             ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬    ‫التشدد الكهنوتي الديني‪،‬‬
                                                                               ‫ثم سيطرت «الذهنية‬
‫وأمريكا على بناء غواصات‬               ‫إلى ذروة جديدة مع‬
     ‫بديلة لأستراليا تعمل‬        ‫الرئيس الأمريكي الجديد‬                   ‫الجرمانية» بالتشدد نفسه‬
         ‫بالطاقة النووية‪.‬‬                                                ‫على الموجة الثالثة مع عصر‬
     ‫وكأن النمط «الأنجلو‬           ‫جو بايدن‪ ،‬وبعد تنحي‬
     ‫ساكسوني» المتطرف‬          ‫اليمين الجمهوري الأمريكي‬                     ‫النهضة وتبنت المادية‪/‬‬
                                                                            ‫العلمانية المتطرفة سواء‬
  ‫يخرج لسانه ويؤكد على‬             ‫وصعود الديمقراطيين‪،‬‬                    ‫في وجهها الليبرالي المنفلت‬
     ‫ذاته أمام كل منكريه‬               ‫وأن النمط المتطرف‬                     ‫أو الشيوعي التنميطي‪،‬‬
                                                                             ‫إلى أن وصلت «الذهنية‬
‫معب ًرا عن ذاته بشكل أكثر‬        ‫الكامن والمضمر سيفرض‬                      ‫الجرمانية» نفسها لفكرة‬
    ‫وضو ًحا‪ ،‬في ظل فترة‬           ‫نفسه على كافة التمثلات‬
                                 ‫القابعة خلف كل القشور‪،‬‬                       ‫العجز عن الإبقاء على‬
 ‫الديمقراطيين وصعودهم‬                                                     ‫تناقضاتها الإنسانية تحت‬
      ‫لسدة الحكم مع جو‬              ‫والشعارات الثقافية أو‬
                                    ‫السياسية دون تفرقة‪،‬‬                     ‫السيطرة‪ ،‬في ظل هوس‬
‫بايدن‪ ،‬رغم كل شعاراتهم‬           ‫لأنه هو المكون الأساسي‬                     ‫الاختيار المادي المتطرف‬
    ‫عن الحريات والحقوق‬         ‫والحاكم والذي كان يختفي‬                     ‫وتمثلاته الذي هو مركز‬
    ‫المتساوية إلى آخر تلك‬      ‫بهدوء تحت السطح بطبقاته‬                      ‫الموجة الأوروبية الثالثة‬
     ‫الرطانة والبروباجندا‬                                                   ‫الحالية‪ ،‬وتكلست الدماء‬
    ‫المعتادة‪ ،‬إلا أنه تجاوز‬             ‫المختلفة والمتنوعة‪.‬‬
    ‫حرب ترامب التجارية‬              ‫ذلك عندما تم الإعلان‬                      ‫في عروقه‪ ،‬وأصبحت‬
     ‫وشكل حل ًفا عسكر ًّيا‬      ‫عن «اتفاقية أوكوس» التي‬                          ‫متلازماته الثقافية‬
                                  ‫وقعت في منتصف شهر‬
 ‫يعتمد على المكون الأنجلو‬          ‫سبتمبر الماضي ‪2021‬؛‬                        ‫وأطروحاته أقرب إلى‬
   ‫ساكسوني ضار ًبا بكل‬         ‫والتي وصلت لذروة المكون‬                    ‫الدوجما والمقدس الجامد‪،‬‬
     ‫شيء عرض الحائط‪،‬‬            ‫«الأنجلو ساكسوني» حيث‬
    ‫فقد «بات من الواضح‬              ‫جمعت الاتفاقية الدول‬                      ‫الذي انتهت صلاحيته‬
  ‫أن احتدام العلاقات بين‬       ‫الثلاث التي يسود فيها هذا‬                    ‫بالفعل‪ ،‬ولأن كل تطرف‬
    ‫بكين وواشنطن وصل‬               ‫المكون القبلي التاريخي‪،‬‬                  ‫يقابله تطرف مضاد لذا‬
                                   ‫وهي بريطانيا (الأصل)‬                  ‫استعاد الجرمان الشرقيين‬
 ‫إلى مستوى جديد‪ ،‬ش َّكلت‬       ‫وأمريكا (المستعمرة السابقة‬                ‫أو جرمان البرية في روسيا‬
    ‫لأجله الولايات المتحدة‬           ‫لبريطانيا) و أستراليا‬               ‫ذاكرتهم الثقافية التاريخية‬
   ‫تحال ًفا عسكر ًّيا لمحاربة‬                                            ‫ليردوا على تطرف الجرمان‬
                                      ‫(المستعمرة السابقة‬                 ‫البحرية بتطرف بري جديد‬
  ‫المنافس الصيني وخنقه‪،‬‬         ‫والتابعة للتاج البريطاني)‪.‬‬               ‫تمثل في الأوراسية الجديدة‬
 ‫بمساعدة حلفائها الأنجلو‬        ‫وكان لب الاتفاقية انفصا ًل‬                ‫بدعاويها للتمدد الجغرافي‬
                                                                         ‫الذي وصل لذروته في غزو‬
   ‫ساكسونيين‪ ،‬إلى درجة‬             ‫جدي ًدا للمكون «الأنجلو‬
 ‫أنهم اضطروا إلى الخلاف‬            ‫ساكسوني» عن أوروبا‬                                    ‫أوكرانيا‪.‬‬
  ‫مع فرنسا من أجل ذلك‪،‬‬                                                   ‫‪ -2‬ذروة نموذج الجرمان‬
                                     ‫واصطفافه مع بعضه‬                    ‫البحرية‪ :‬اتفاقية أوكوس‬
    ‫وتوجيه رسالة تحذير‬                ‫البعض؛ حيث أعلنت‬
‫وتهديد إلى موسكو أي ًضا‪،‬‬           ‫أستراليا فسخ تعاقدها‬                                  ‫البحرية‪:‬‬
‫وهي الحليف الاستراتيجي‬            ‫مع فرنسا لشراء صفقة‬                       ‫حين نلتفت إلى استمرار‬
                                   ‫غواصات تعمل بالطاقة‬                     ‫النمط الأنجلو ساكسوني‬
       ‫الأكبر للصين»(‪.)23‬‬       ‫التقليدية‪ ،‬ونصت الاتفاقية‬                 ‫وتفجره سنرى أنه وصل‬
     ‫وكانت الآثار العالمية‬     ‫في الوقت نفسه مع بريطانيا‬
 ‫للاتفاقية مدوية على كافة‬
    ‫الأصعدة داخل أوروبا‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271