Page 271 - merit 43- july 2022
P. 271

‫‪269‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫الثورية» ومفصلياتها‬     ‫منه‪ ،‬باعتبار هذه الثورات‬        ‫رئيسيين للعالم أجمع؛‬
     ‫الثقافية الكبرى‪ ،‬بما‬     ‫فرصة حضارية سانحة‬            ‫الاختيار الأول هو إعادة‬
‫يؤدي إلى تحول «الثورات‬      ‫لـ»استعادة الذات» العربية‬     ‫إنتاج «المسألة الأوروبية»‬
    ‫العربية» إلى «مشترك‬        ‫بد ًل من كونها مصد ًرا‬       ‫في أشكال واستقطابات‬
    ‫مجتمعي» جديد تتفق‬        ‫للاستقطابات السياسية‪،‬‬        ‫جديدة خاصة مع صعود‬
  ‫عليها الشعوب العربية‪،‬‬    ‫وتجاوز «فرضية التوقيف»‬
  ‫بعي ًدا عن الاستقطابات‬     ‫أو الجدل النظري والعقلي‬          ‫مشروع «الأوراسية‬
‫السياسية والأيديولوجية‬                                      ‫الجديدة» وغزو روسيا‬
‫القديمة والراهنة وتعتبره‬        ‫المجرد ‪-‬واستقطاباته‬
  ‫طوق النجاة لها وجسر‬              ‫الأيديولوجية يمينًا‬          ‫لأوكرانيا وتبعاته‪،‬‬
 ‫العبور الآمن للمستقبل‪،‬‬                                    ‫والاختيار الثاني هو «ما‬
 ‫في ظل التدافعات العالمية‬   ‫ويسا ًرا‪ -‬الذي ساد عربيًّا‬      ‫بعد المسألة الأوروبية»‬
   ‫الحالية ومحاولة إعداة‬      ‫في القرن الماضي وحتى‬       ‫وصعود مشروع الثورات‬
‫إنتاج «المسألة الأوروبية»‬    ‫اللحظة الراهنة‪ ،‬وباعتبار‬     ‫العربية الثقافي باختيارات‬
  ‫وتهميش الذات العربية‬         ‫تلك الظرفية هي لحظة‬          ‫إنسانية جديدة تتجاوز‬
‫وتفكيك وجودها‪ ،‬وتفجير‬         ‫تاريخية مفصلية قادرة‬      ‫«المسألة الأوروبية» القديمة‬
 ‫التناقضات في «مستودع‬         ‫على إعادة تشكيل الذات‬         ‫ومحاولة إعادة إنتاجها‬
                                                           ‫في أشكال جديدة أي ًضا‪،‬‬
               ‫هويتها»‪.‬‬    ‫العربية وخطابها بالاستناد‬       ‫وهو ما تمثله «المفصلية‬
 ‫‪ -2‬الأوراسية الجديدة‬        ‫للواقع ومطالب الجماهير‬
                                                            ‫الثقافية» الكامنة للذات‬
     ‫وأثرها المباشر على‬    ‫التي تجاوزت قضايا الجدل‬             ‫العربية التي حققت‬
       ‫البلدان العربية‪:‬‬     ‫النظري التي أوقفت الذات‬
                             ‫العربية عن الحركة (كرد‬      ‫جماهيرها نموذج التجاوز‬
    ‫يمكن القول إنه حتى‬         ‫فعل للمسألة الأوروبية‬    ‫بالفعل‪ ،‬لكنها تنتظر التبني‬
    ‫اللحظة الحالية يظهر‬        ‫واستقطاباتها القديمة)‪،‬‬
   ‫أثر الأوراسية الجديدة‬      ‫ومن خلال تصور جديد‬               ‫وأن تتحول لاختيار‬
  ‫وإعادة إنتاج تناقضات‬        ‫للتاريخ البشري تطرحه‬       ‫ثقافي وحضاري عام ينقذ‬
 ‫«المسألة الأوروبية» على‬       ‫الدراسة باعتباره يقوم‬     ‫العالم من توحش «المسألة‬
‫الذات العربية ومفصليتها‬     ‫على «دورات ثورية» كبرى‬      ‫الأوروبية» وإعادة إنتاجها‪،‬‬
‫الثقافية الكامنة من خلال‬      ‫تستعيد «القيم الإنسانية‬   ‫وينتهز الفرصة الحضارية‬
   ‫أربعة ملفات واضحة‪،‬‬            ‫العليا» وتجددها على‬      ‫السانحة ويتجاوز تفجير‬
    ‫وهي الملف السوري‪،‬‬       ‫فترات متباعدة‪ ،‬وأن الذات‬     ‫التناقضات والاستقطابات‬
   ‫وملف سد النهضة مع‬         ‫العربية في القرن الحادي‬      ‫السياسية والأيديولوجية‬
‫مصر والسودان‪ ،‬والملف‬         ‫والعشرين حققت شروط‬           ‫يمينًا ويسا ًرا التي وقعت‬
  ‫السوداني والموقف من‬      ‫استلام تلك الدورة‪ ،‬لتمتلك‬
  ‫إزاحة المكون المدني من‬        ‫الدافع النفسي لظهور‬        ‫فيها الثورات العربية في‬
‫الثورة السودانية‪ ،‬وكذلك‬       ‫«مفصلية ثقافية» رافعة‬          ‫العقد الماضي‪ ،‬لتتحول‬
‫بنسبة ما في الملف الليبي‪،‬‬        ‫تتقدم لبناء التحديث‬    ‫لاختيار رئيسي و»مشترك‬
     ‫بالإضافة إلى الآثار‬      ‫وعمل «تراكم حضاري»‬        ‫مجتمعي» جديد لدى الذات‬
   ‫الجانبية لغزو روسيا‬      ‫جديد‪ ،‬ذلك شرط الالتفات‬
 ‫لأوكرانيا وما تمثله من‬       ‫للتاريخ البشري بوصفه‬                        ‫العربية‪.‬‬
                                 ‫سلسلة من «الدورات‬        ‫وذلك بالنظر إلى مشروع‬
                                                        ‫الذات العربية الذي خرج في‬
                                                          ‫القرن الحادي والعشرين‬
                                                        ‫وفي ثوراتها في العقد الثاني‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276