Page 262 - merit 43- july 2022
P. 262

‫الجرمانية» البرية ذاتها‪،‬‬                                   ‫العـدد ‪43‬‬                            ‫‪260‬‬
    ‫إنما هي تختلق صرا ًعا‬
                                                                                ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬  ‫داخل بنية الدول التقليدية‪..‬‬
      ‫جدي ًدا يسعى لإقامة‬                                                                       ‫لن يؤدي إلى التراصف‬
     ‫«إمبراطورية شرقية»‬             ‫الغابة والحياة البرية‬                                       ‫الآلي للإنسانية بأسرها‬
‫برية مع «الجرمان البرية»‬        ‫والرعي والصيد والقنص‬                                            ‫على النمط العالمي للقيم‬
‫تواجه «إمبراطورية غربية»‬         ‫والإغارة في وقت متأخر‬                                         ‫الأطلسية بل على العكس‬
      ‫بحرية مع «الجرمان‬       ‫ج ًّدا‪ ،‬بالنسبة لبقية شعوب‬                                         ‫من ذلك‪ ،‬سيعيد تفعيل‬
                                                                                                ‫الرقائق الثقافية الأعمق‬
        ‫البحرية» والأنجلو‬                        ‫العالم‪.‬‬
               ‫ساكسون‪.‬‬             ‫وبالعودة إلى الجرمان‬                                      ‫والتي تحررت من القوالب‬
                                 ‫الشرقيين (جرمان البر)‬                                      ‫الأيديولوجية السطحية»(‪.)16‬‬
‫وفي «ثنائية الإمبراطورية»‬         ‫والأوراسية الجديدة في‬
         ‫هذه وإعادة إنتاج‬       ‫روسيا‪ ،‬سنجد أنه حسب‬                                             ‫وهذه نقطة مهمة للغاية‬
                              ‫رأي دوجين إذا «استطاعت‬                                            ‫في فهم الذات الأوروبية‬
   ‫«الثنائيات الحدية» التي‬      ‫روسيا إنتاج أيديولوجية‬                                       ‫و»الذهنية الجرمانية» وقد‬
    ‫سنلمح أثرها في معظم‬            ‫خاصة بها‪ ،‬وتجسدت‬                                           ‫تعطينا فه ًما أوسع لمفهوم‬
  ‫التمثلات الرئيسية للذات‬         ‫السيادة الجيوسياسية‬                                         ‫«المسألة الأوروبية»؛ فإذا‬
 ‫الأوروبية كسمة أساسية‬            ‫لقوى القارة الأوراسية‬                                        ‫كان يمكن تعريفها بأنها‬
   ‫لمتلازماتها الثقافية‪ ،‬كما‬    ‫(قوى البر) التي تشكلها‬                                         ‫تحول مجموعة السمات‬
 ‫يذكر البعض عن ألكسندر‬           ‫كل من‪ :‬روسيا‪ ،‬الصين‪،‬‬
   ‫دوجين‪« :‬وفي ذلك تأتي‬           ‫إيران‪ ،‬الهند‪ ،‬ضد قوى‬                                            ‫الثقافية التي ارتبطت‬
 ‫الدعوة الأساسية للمؤلف‬                                                                           ‫بالذات الأوروبية إلى‬
  ‫[دوجين] التي دافع عنها‬             ‫الأطلسية»(‪ ،)17‬فإنها‬                                       ‫عقد ومتلازمات ثقافية‬
   ‫في كل كتاباته وأنشطته‬         ‫ستحقق معادلة التفوق‪.‬‬                                           ‫«سيندروم» تدور حول‬
     ‫منذ الشباب‪ :‬تأسيس‬                                                                          ‫نفسها وتستعصى على‬
 ‫إمبراطورية روسية قادرة‬            ‫وهنا نجد أن «المسألة‬                                     ‫الحل‪ ،‬فإننا يمكن أن نعطيها‬
                                   ‫الأوروبية» تعيد إنتاج‬                                     ‫كذلك تعري ًفا مجاو ًرا ينص‬
      ‫على مواجهة التحدي‬        ‫نفسها على عدة مستويات‬                                           ‫على أن المسألة الأوروبية‬
            ‫الأمريكي»(‪.)18‬‬      ‫دون أن يلتفت لها العرب‬                                          ‫تتمثل في جمود الرقائق‬
                              ‫والعالم بالشكل الكافي‪ ،‬رغم‬                                        ‫الثقافية العميقة للذهنية‬
   ‫ثال ًثا‪ :‬الجرمان‬              ‫أن العرب مع مفصليتهم‬                                            ‫الجرمانية‪ ،‬وشعورها‬
 ‫البحرية والأنجلو‬             ‫الثقافية الكامنة هم المرشح‬                                     ‫المحوري بأنها مركز العالم‬
 ‫ساكسون وأمريكا‬                  ‫المحتمل الكامن والوحيد‬                                      ‫وقلبه الرئيسي الذي يجب‬
                               ‫تقريبًا الذي يملك مشرو ًعا‬                                    ‫أن تنتظم خلفه كل الذوات‬
       ‫‪ -1‬المكون الأنجلو‬      ‫يتجاوز «المسألة الأوروبية»‬
   ‫ساكسوني وبروزه في‬                                                                                         ‫الأخرى‪.‬‬
                                      ‫برمتها‪ ،‬فـ»المسألة‬                                         ‫وهذه الرقائق الثقافية‬
       ‫الجرمان البحرية‪:‬‬         ‫الأوروبية» تعيد التمركز‬                                      ‫العميقة للذهنية الجرمانية‬
 ‫إذا كان الجرمان الغربيين‬       ‫بين تحالف شرق أوروبا‬                                            ‫تتمثل في فكرة «الثنائية‬
                               ‫(الجرمان البرية) وتحالف‬                                      ‫الحدية» والتطرف والتشدد‪،‬‬
      ‫استقر معظمهم على‬                                                                         ‫والتي تعود لسمة ثقافية‬
 ‫الشواطئ الغربية لأوروبا‬          ‫غرب أوروبا (الجرمان‬                                             ‫أساسية وهي «غياب‬
  ‫وبريطانيا‪ ،‬فإن الظروف‬          ‫البحرية)؛ لكن ليس على‬                                       ‫المرونة الحضارية» بسبب‬
                                                                                                 ‫خروج تلك القبائل من‬
   ‫شاءت أن تكون قبيلتي‬             ‫أساس اقتصادي هذه‬
    ‫الأنجلو والساكس هما‬           ‫المرة ينتج صرا ًعا حد ًّيا‬
                                  ‫حول «الفلسفة المادية»‬
                                 ‫المتطرفة عصب «الذهنية‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267