Page 258 - merit 43- july 2022
P. 258

‫رفضتها حتى ثمالتها‪ ،‬مما‬                                    ‫العـدد ‪43‬‬                            ‫‪256‬‬
  ‫جعلها تميل دو ًما لتقديم‬
     ‫الاختيارات الإنسانية‬                                                     ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬      ‫فلا هي ليبرالية صرفة‬
    ‫في شكل «ثنائي حدي»‬                                                                       ‫ولا هي شيوعية صرفة‪،‬‬
               ‫متصارع‪.‬‬       ‫وليس الذي يلي الشيوعية‬
                                 ‫والليبرالية و»الطريق‬                                          ‫إنما قام الطريق الثالث‬
‫من هنا ووفق ميل «المسألة‬                                                                      ‫الغربي إجمالا على دور‬
   ‫الأوروبية» دو ًما لفكرة‬   ‫الثالث»‪ ،‬وهو ما يتبدى في‬                                     ‫الدولة كضمانة لمجموعة من‬
                            ‫أطروحته حين يقول‪ ،‬حيث‬                                          ‫الحقوق الأساسية أو الحد‬
‫«الثنائيات الحدية»؛ سنجد‬                                                                      ‫الأدنى منها‪ ،‬فيما عرف‬
‫أن روسيا فيما بعد سقوط‬         ‫«تبدأ النظرية السياسية‬                                          ‫بـ»دولة الرفاهية» عند‬
 ‫الاتحاد السوفيتي‪ ،‬وعالم‬        ‫الرابعة من حيث بدأت‬
                              ‫نهاية الأيدولوجيات‪ .‬أي‬                                                        ‫البعض‪.‬‬
    ‫ما بعد الأيديولوجيات‬    ‫بعد فشل المشروع الحداثي‬                                           ‫وبالمثل دون أن يصرح‬
 ‫القديمة‪ ،‬وجدت أن البديل‬     ‫الغربي والمصير المأساوي‬                                          ‫الطريق الرابع الروسي‬
                             ‫الذي أنتجته أيديولوجياته‬                                          ‫الشرقي أنه «رد فعل»‬
      ‫الغربي السائد يميل‬    ‫الثلاث الرئيسية‪ :‬الليبرالية‬
    ‫لفكرة «الطريق الثالث»‬     ‫والشيوعية والفاشية»(‪.)9‬‬                                           ‫للطرق الثالث الغربي‬
                                ‫وهذا تأكيد على اعتبار‬                                           ‫والصراع على امتلاك‬
      ‫في أشكال وسياقات‬      ‫الطريق الرابع رد فعل على‬                                      ‫«النظرية المطلقة» والصراع‬
   ‫متعددة‪ ،‬من ثم وبشكل‬        ‫الطريق الثالث‪ ،‬ومحاولة‬                                        ‫الحدي والصفري كنظرية‬
  ‫مضمر وكامن في الوعي‬           ‫لإعادة إنتاج تناقضات‬                                        ‫للوجود في العالم طرحتها‬
  ‫واللاوعي اتجهت العقلية‬                                                                    ‫المسألة الأوروبية والذات‬
  ‫الروسية الشرقية لإنتاج‬           ‫«المسألة الأوروبية»‬                                          ‫الجرمانية؛ سنجد أنه‬
                               ‫وثنائياتها الحدية»‪ ،‬ففي‬                                           ‫يقول بالانطلاق من‬
     ‫«بديل حدي» للطريق‬
   ‫الثالث‪ ،‬وأسمته الطريق‬         ‫حقيقة الأمر «المسألة‬                                             ‫المرحلة نفسها التي‬
                                 ‫الأوروبية» تقوم على‬                                       ‫تجاوزت «الثنائية الحدية»‬
      ‫الرابع‪ ،‬لكن ألكسندر‬       ‫فكرة «الثنائية الحدية»‬
 ‫دوجين لم يشأ أن يصور‬          ‫المتطرفة التي تعود لأثر‬                                         ‫الأيديولوجية القديمة‪،‬‬
  ‫الأمر على حقيقته الكامنة‬    ‫قبائل الشمال الجرمانية‬                                          ‫لكنه لم يصرح بأنه رد‬
                                ‫التي خرجت من الغابة‬
     ‫إنما ادعى أن الطريق‬        ‫متأخ ًرا‪ ،‬وسيطرت على‬                                            ‫فعل مباشر و»البديل‬
 ‫الرابع هو استكمال ونتاج‬      ‫صعود الموجة الأوروبية‬                                        ‫الحدي» الجديد‪ ،‬الذي يعيد‬
‫لأيديولوجيات ثلاثة قديمة‬          ‫الثالثة بعد الموجتين‬                                      ‫إنتاج الاستقطاب الخاص‬
 ‫هي‪ :‬الشيوعية والليبرالية‬    ‫اليونانية والرومانية‪ ،‬لكن‬
‫والفاشية‪ ،‬متجاه ًل أسبقية‬   ‫ما لم يصرح به دوجين أن‬                                           ‫بـ»المسألة الأوروبية» في‬
                            ‫المسألة ليست سوى تقديم‬                                        ‫ثنائية جديدة بين الطريقين‬
   ‫ظهور «الطريق الثالث»‬      ‫صياغات مختلفة للصراع‬
  ‫في الغرب فيما بعد عصر‬           ‫القديم والمستمر بين‬                                                 ‫الثالث والرابع‪.‬‬
   ‫الأيديولوجيات القديمة‪،‬‬    ‫الجرمان البرية والجرمان‬                                           ‫فألكسندر دوجين نبي‬

    ‫وفي الوقت نفسه قائ ًل‬                    ‫البحرية‪.‬‬                                             ‫الأرواسية الجديدة‬
  ‫بالادعاء نفسه أنه يطرح‬          ‫حيث الطبيعة البرية‬                                      ‫والطريق الرابع و»الجرمان‬
    ‫طري ًقا وفلسفة تتجاوز‬   ‫المتطرفة للقبائل الجرمانية‬
                             ‫كانت تميل دوما للتطرف‬                                            ‫البرية» لا يصرح بذلك‪،‬‬
    ‫الأيديولوجية القديمة!‬    ‫في الاختيارات‪ ،‬فإما قبلت‬                                      ‫ويقدم الطريق الرابع ليس‬
     ‫وسنجد أن المنطلقات‬        ‫فكرة ما حتى ثمالتها أو‬
                                                                                              ‫ر ًّدا على الطريق الثالث‪،‬‬
       ‫نفسها التي ادعاها‬                                                                       ‫إنما هو يقدمه بوصفه‬
 ‫الطريق الثالث عن تجاوز‬                                                                    ‫الرابع الذي يلي‪ :‬الشيوعية‬
                                                                                                ‫والليبرالية والفاشية‪،‬‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263