Page 257 - merit 43- july 2022
P. 257

‫‪255‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫بـ»الطريق الثالث» في‬     ‫وليس البديل للطريق الثالث‬             ‫في «الثنائية الحدية»‬
    ‫نهاية القرن العشرين‪،‬‬        ‫الغربي الذي طور أشكا ًل‬           ‫الجديدة بين قوى البر‬
   ‫فكرتها الأساسية قامت‬           ‫اجتماعية لليبرالية فيما‬       ‫وقوى البحر الجرمانية‪.‬‬
‫على ظهور أدوار اجتماعية‬            ‫عرف بدولة الرفاهية‪.‬‬
   ‫ضامنة لدولة الليبرالية‬          ‫فالحقيقة أن «الطريق‬       ‫ثان ًيا‪ :‬ثنائيات إعادة‬
                                                               ‫إنتاج المسألة مع‬
      ‫الديمقراطية (وريثة‬      ‫الرابع» الذي يعتبره دوجين‬       ‫الأوراسية الجديدة‬
  ‫الملكية الدستورية المثالية‬    ‫اس ًما بدي ًل لـ»الأوراسية‬
                                      ‫الجديدة» هو المتمم‬            ‫‪ -1‬ثنائية الطريق‬
   ‫الرأسمالية عند هيجل)‬          ‫لـ»الثنائية الحدية» التي‬     ‫الرابع الأوراسي والثالث‬
   ‫تجاه مواطنيها وحقوق‬
    ‫أدنى للناس تتكفل بها‬       ‫ظهر طرفها الأول في نهاية‬                      ‫الأطلسي‪:‬‬
  ‫الدولة في كافة الظروف‬       ‫القرن العشرين (أي الطريق‬        ‫بالنظر في خطاب ألكسندر‬
‫وفي اشتراطات معينة‪ ،‬هنا‬        ‫الثالث عن دولة الرفاهية)؛‬        ‫دوجين لبناء الاستقطاب‬
  ‫وفي ظل سمة «الثنائيات‬
 ‫الحدية» الخاصة بالمسألة‬            ‫وهو التطور الطبيعي‬          ‫الجديد والصراع الحدي‬
‫الأوروبية» وسيطرتها على‬          ‫لسمة «البديل» و»البديل‬        ‫الصفري وريث «النظرية‬
‫النموذج الإنساني السائد‪،‬‬         ‫الحدي المضاد» للمسألة‬           ‫المطلقة» القديمة‪ ،‬سنجد‬
                                 ‫الأوروبية وصراعها على‬        ‫أن دوجين يقدم أشكا ًل أو‬
     ‫خرج دوجين بمفهوم‬         ‫فكرة «النظرية المطلقة» التي‬       ‫أقنعة ثقافية متعددة بين‬
 ‫يؤكد على الصراع ويخلق‬         ‫دشن لها هيجل وماركس‪،‬‬           ‫الجرمان الغربيين البحرية‬
‫البديل الحدي لذلك الطريق‬      ‫فالمفهوم الذي أطلقه دوجين‬      ‫والجرمان الشرقيين البرية‪،‬‬
                                ‫عن «الطريق الرابع» ليس‬          ‫فسوف يقدم أقنعة منها‬
     ‫الثالث‪ ،‬مان ًحا نظريته‬
 ‫عن «الأوراسية الجديدة»‬              ‫إلا ر ًّدا على ظهور ما‬      ‫القناع الجغرافي المتمثل‬
‫والتمدد الجغرافي الروسي‬          ‫عرف بـ»الطريق الثالث»‬              ‫قوى البر الأوراسية‬
                                  ‫في الغرب الليبرالي‪ ،‬بعد‬
    ‫اسم «الطريق الرابع»‪.‬‬       ‫سقوط الاتحاد السوفييتي‬          ‫(البرية) في مواجهة قوى‬
‫وسنجد أن نظرية «الطريق‬          ‫وانهيار «الثنائية الحدية»‬    ‫البحر الأطلسية (البحرية)‪،‬‬
                               ‫القديمة الأشهر لـ»المسألة‬
  ‫الرابع» الشرقي الخاص‬          ‫الأوروبية» بين الليبرالية‬         ‫وسيقدم القناع الديني‬
   ‫بروسيا أو «الأوراسية‬        ‫الديمقراطية (تطور الشكل‬               ‫المتمثل في المسيحية‬
‫الجديدة» لا يقول صراحة‬           ‫المثالي الرأسمالي لهيجل)‬            ‫الجرمانية الشرقية‬
‫إنه «البديل الحدي» الجديد‬      ‫والمادية الشيوعية‪ ،‬باعتبار‬
  ‫فيما بعد فشل الشيوعية‬                                         ‫الأرثوذكسية في مواجهة‬
                                   ‫أن ك ًل منهما كل يقدم‬     ‫المسيحية الجرمانية الغربية‬
      ‫وانتصار الليبرالية‪،‬‬       ‫تصو ًرا لـ»نهاية التاريخ»‬
  ‫وتطوير الأخيرة لطريق‬        ‫و»النظرية المطلقة» والنهائية‬       ‫البروتستانتية‪ ،‬وسوف‬
    ‫جديد خاص بها بعدما‬                                       ‫يقدم قنا ًعا فكر ًّيا وسياسيًّا‬
‫تخلصت من عبء الصراع‬              ‫التي ستحكمه مع الذات‬
   ‫الأيديولوجي و»الثنائية‬                    ‫الجرمانية‪.‬‬         ‫مسكو ًتا عنه بين الطريق‬
                                                                 ‫الثالث الغربي ونظريته‬
    ‫الحدية» بين الليبرالية‬      ‫فقد قام الغرب الرأسمالي‬          ‫التي سيسميها الطريق‬
     ‫المنتصرة والشيوعية‬              ‫في بريطانيا وأمريكا‬        ‫الرابع‪ ،‬لكن سوف يقوم‬
 ‫المهزومة‪ ،‬لتطور الليبرالية‬                                     ‫بحيلة ليدعي عن طريقه‬
    ‫بعدما انتصرت طري ًقا‬      ‫(الجرمان البحرية) بتطوير‬       ‫الرابع هو البديل للماركسية‬
 ‫ثالثًا يدعي تجاوز الثنائية‬          ‫نظرية جديدة عرفت‬
                                                                   ‫والليبرالية والفاشية‪،‬‬
   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262