Page 254 - merit 43- july 2022
P. 254

‫العـدد ‪43‬‬         ‫‪252‬‬

                                                              ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬       ‫في ألمانيا‪ ،‬وعن القوط‬
                                                                               ‫وأثرهم في الأندلس‪/‬‬
  ‫هناك أوروبا الكبرى»(‪.)4‬‬            ‫وليس بغريب في هذا‬                         ‫إسبانيا‪ ،‬واللمبارد في‬
 ‫وذلك لأن روسيا بدورها‬         ‫السياق أن نجد بعض كتاب‬                          ‫إيطاليا‪ ،‬والفرنجه في‬
                                                                              ‫فرنسا‪ ،‬والنورمان في‬
      ‫لا تبعد كثي ًرا عن أثر‬     ‫روسيا الجديدة يتحدثون‬                         ‫روسيا‪ ،‬لكن تجاهلت‬
        ‫العنصر الجرماني‬           ‫عن الصراع بين روسيا‬
                                 ‫وأمريكا من زاوية مغايرة‬                         ‫السردية التاريخية‬
 ‫وقبائل الشمال الأوروبي‬         ‫تما ًما‪ ،‬أي بوصف الصراع‬                   ‫الأوروبية المركزية التعامل‬
    ‫التي خرجت من البرية‬            ‫بين روسيا وأمريكا هو‬
       ‫والوحشية متأخ ًرا‪،‬‬      ‫صراع على المكون الجرماني‬                     ‫مع المجتمعات الأوروبية‬
       ‫إذ تاريخيًّا هاجرت‬       ‫الجغرافي الذي يقع بينهما‪،‬‬                  ‫الحديثة كمجرد أثر ثقافي‬
   ‫بعض القبائل الجرمانية‬
    ‫نحو الشرق الأوروبي‬               ‫أي على أرض أوروبا‬                          ‫واضح للغاية لتمدد‬
    ‫واستقرت فيما أصبح‬          ‫الجرمانية نفسها‪ ،‬ومحاولة‬                      ‫القبائل الجرمانية‪ ،‬التي‬
   ‫يعرف الآن بـ»روسيا»‪،‬‬
   ‫ورغم أن الجرمانيين في‬           ‫روسيا استمالة جرمان‬                         ‫ظلت سماتها الثقافية‬
    ‫الشرق الأوروبي بقوا‬         ‫أوروبا الذين يقعون حاليًا‬                    ‫كامنة وحاكمة في ثنايا‬
    ‫معزولين بعض الشيء‬            ‫في المنتصف الجغرافي بين‬                  ‫الذات الأوروبية وطبقاتها‬
                                 ‫جرمان الشرق في روسيا‬
 ‫عن غربها‪ ،‬إلا أن السمات‬         ‫وجرمان اقصى الغرب في‬                                    ‫المتراكمة‪.‬‬
     ‫الثقافية نفسها كامنة‬                                                   ‫‪ -2‬حضور الجرمانية‬
                                                  ‫أمريكا‪.‬‬                    ‫في السردية الروسية‬
‫وحاضرة‪ ،‬بما جعل الشرق‬               ‫وفي هذه الفكرة المهمة‬
      ‫الأوروبي في روسيا‬        ‫والمسكوت عنها نشر موقع‬                                  ‫التاريخية‪:‬‬
                               ‫روسيا اليوم تقري ًرا بعنوان‬                   ‫والملاحظ هنا أننا يمكن‬
 ‫يكون أحد طرفي «الثنائية‬            ‫«روسيا تأمل في إحياء‬                    ‫أن نقدم تفسي ًرا تاريخيًّا‬
 ‫الحدية» الأبرز لـ»المسألة‬       ‫الروح الجرمانية»‪ ،‬حيث‪:‬‬                       ‫مباش ًرا لسعي روسيا‬
                               ‫«كتب سيرغي أكسيونوف‪،‬‬                         ‫‪-‬بوعي أو بدون وعي‪-‬‬
   ‫الأوروبية»‪ ،‬حيث تبنت‬            ‫في‪ :‬سفوبودنايا بريسا‪،‬‬                    ‫نحو استعادة «الثنائيات‬
   ‫روسيا المادية الشيوعية‬      ‫متسائ ًل عما إذا كان بإمكان‬
    ‫التنميطة وتبنى الغرب‬        ‫روسيا انتزاع الشراكة مع‬                           ‫الحدية» التي هي‬
 ‫المادية الرأسمالية المنفلتة‪.‬‬      ‫أوروبا من الأمريكيين‪..‬‬                   ‫السمة الأبرز لـ»المسألة‬
                                    ‫فالشراكة المتكافئة بين‬
    ‫ومن المهم الإشارة إلى‬         ‫روسيا وأوروبا بالذات‪،‬‬                        ‫الأوروبية»‪ ،‬فإذا كان‬
   ‫دور السردية التاريخية‬         ‫ولا سيما ألمانيا‪ ،‬هي التي‬                ‫النموذج المعرفي لـ»ما بعد‬
 ‫والانتقائية الثقافية هنا في‬     ‫تشكل تهدي ًدا للأمريكيين‪.‬‬                 ‫المسألة الأوروبية» يرتبط‬
 ‫التاريخ الروسي وتنوعها‬           ‫دمج التقنيات الأوروبية‬                  ‫بسيادة العنصر الجرماني‬
    ‫بين الأنماط السياسية‬         ‫والموارد الروسية سيكون‬                   ‫لأوروبا تاريخيًّا في الموجة‬
                                 ‫بمثابة قنبلة تحت سيطرة‬
      ‫السائدة‪ ،‬فلقد تنازع‬      ‫الأنغلوساكسونيين [لم يميز‬                       ‫الحضارية الأوروبية‬
    ‫السردية الروسية عدة‬            ‫الكاتب التوزع الجغرافي‬                 ‫الثالثة أو الموجة الجرمانية‬
 ‫وجهات نظر حسب النمط‬           ‫الجرماني القبلي جي ًدا]‪ .‬وإذا‬              ‫(التي تلت الموجة اليونانية‬
 ‫السياسي السائد فيها‪ ،‬ما‬       ‫أضيفت إليها موارد العمالة‬
    ‫بين وجهات نظر ثلاث‬         ‫والتنظيم الصيني‪ ،‬فسيكون‬                        ‫والرومانية)‪ ،‬فإن أثر‬
   ‫كانت الجرمانية بالطبع‬                                                  ‫«الذهنية الجرمانية» ذاتها‬
    ‫إحداها‪ ،‬وهي السردية‬
  ‫النورماندية‪ /‬الجرمانية‪،‬‬                                                   ‫نجده حاض ًرا وكامنًا في‬
                                                                           ‫روسيا الجرمانية القديمة‬
      ‫والسردية السلافية‪،‬‬
                                                                                           ‫نفسها‪.‬‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259