Page 79 - merit 43- july 2022
P. 79

‫رؤية من قريب ‪7 7‬‬

‫الحاكمة لروسيا في الغرب‬          ‫لأنها كانت ستمثل منطقة‬        ‫تعاون جديدة مع أقرانها‬
       ‫لمعارضته كل خطط‬         ‫عازلة بين روسيا والغرب‪،‬‬       ‫من الجمهوريات السوفيتية‬

  ‫استعادة روسيا مكانتها‬            ‫والتي سعت بكل قوتها‬            ‫الأخرى‪ ،‬ولم يكن ذلك‬
     ‫كدولة عظمى‪ ،‬فتخلت‬         ‫للتقارب من حلف الأطلسي‬         ‫سه ًل‪ ،‬فقد كانت دو ًل مثل‬
    ‫عن جميع الوعود التي‬                                        ‫أوكرانيا وروسيا البيضاء‬
                                   ‫وإظهار أنها لا تمثل أي‬    ‫ومولدوفيا مرتبطة بروسيا‪،‬‬
  ‫قطعتها في سبيل التقرب‬        ‫تهديد للدول الغربية‪ .‬ولكن‬     ‫وكان الروس ينظرون إليها‬
‫من الغرب‪ ،‬وتأكدت وجهة‬           ‫الولايات المتحدة وحلفائها‬
‫النظر التي تقول إن الهدف‬                                         ‫كونها تقع ضمن فضاء‬
‫الوحيد للغرب هو إخضاع‬            ‫من الدول الغربية الكبرى‬     ‫روسيا ومجال هيمنتها‪ ،‬بل‬
‫روسيا‪ .‬ومع مرور الوقت‬                ‫ترغب في بناء أوروبا‬
                                    ‫المستقبلية انطلا ًقا من‬    ‫أكثر من ذلك كونها جز ًءا‬
    ‫ومع زيادة الحاجة إلى‬            ‫قيم الديموقراطية مثل‬      ‫من الإمبراطورية الروسية‬
  ‫الطاقة في القرن الحادي‬
 ‫والعشرين واعتماد بعض‬              ‫دولة القانون واقتصاد‬           ‫سيعود آج ًل أم عاج ًل‬
‫الدول الغربية على إمدادات‬         ‫السوق الرأسمالي‪ ،‬وكان‬        ‫إلى أحضان روسيا‪ .‬وبعد‬
    ‫الغاز والنفط الروسي‪،‬‬          ‫ذلك يتعارض مع تقاليد‬          ‫انهيار الاتحاد السوفيتي‬
 ‫كان من الأفضل للساسة‬
‫الأوروبيون تطوير شراكة‬                ‫روسيا الدبلوماسية‬          ‫كان من الضروري على‬
‫مع روسيا بد ًل من مقاومة‬           ‫القائمة على مبدأ توازن‬        ‫الرئيس يلتسين إرساء‬
  ‫نفوذها‪ .‬وسعت موسكو‬             ‫القوى ولعب دور مهيمن‬          ‫علاقات جيدة مع مع تلك‬
 ‫إلى دعم نفوذها السياسي‬           ‫يتفق مع وضعها كدولة‬          ‫الدول خصو ًصا أوكرانيا‬
   ‫على الساحة الدولية عن‬         ‫عظمى‪ ،‬فلم تستطع قبول‬            ‫وروسيا البيضاء‪ ،‬وقام‬
 ‫طريق التعاون مع الصين‬          ‫نظرية القيم الديموقراطية‬      ‫بتأسيس كونفدرالية تضم‬
‫واليابان والهند‪ ،‬وأصبحت‬        ‫المشتركة والتي تعد أسا ًسا‬       ‫الدول السلافية‪ ،‬غير أن‬
                                     ‫لخارطة باريس حول‬         ‫ذلك لم ينجح لأسباب عدة‬
     ‫مستعدة أي ًضا لإقامة‬        ‫مستقبل أوروبا‪ .‬ومع هذا‬           ‫منها أن أوكرانيا كانت‬
 ‫تعاون بنَّاء مع الغرب مع‬      ‫الاختلاف سعت روسيا إلى‬          ‫تسعى بأي شكل للخروج‬
‫الحفاظ على موقفها المقاوم‬        ‫اقتسام النظام العالمي مع‬    ‫من عباءة موسكو ونفوذها‪،‬‬
                               ‫الولايات المتحدة‪ ،‬وأصبحت‬        ‫وكذلك فإن الغرب يرفض‬
   ‫لهيمنة الولايات المتحدة‬        ‫أوروبا التي تمثل أهمية‬     ‫فكرة تأسيس اتحاد سلافي‬
‫الأمريكية‪ ،‬وحازت موسكو‬                                            ‫ويرى فيه خط ًرا يهدد‬
                                     ‫جيوسياسية بالنسبة‬        ‫بميلاد إمبراطورية روسية‬
     ‫نتيجة لسياستها على‬             ‫لموسكو‪ ،‬ترى في ضم‬
 ‫اعتراف الاتحاد الأوروبي‬          ‫روسيا إليها تهدي ًدا لها؛‬                    ‫جديدة‪.‬‬
                                  ‫كونها تسعى إلى الهيمنة‬      ‫وقد أدت مساعي أوكرانيا‬
     ‫بلعب دور قيادي على‬         ‫مرة أخرى‪ ،‬وبقيت روسيا‬
  ‫الساحة الدولية‪ .‬ونتيجة‬             ‫معزولة عن الأسواق‬              ‫الجمهورية المستقلة‬
    ‫لهذا التعاون البنَّاء بين‬    ‫الأوروبية وعن التحالفات‬          ‫عن الاتحاد السوفيتي‬
                                   ‫الجارية في منطقة آسيا‬       ‫للانضمام إلى حلف الناتو‬
    ‫روسيا والغرب؛ لعبت‬                                             ‫ومحاولة الاندماج في‬
‫أوروبا دو ًرا مه ًّما كوسيط‬              ‫والمحيط الهادئ‪.‬‬           ‫المؤسسات السياسية‬
‫بين روسيا وأوكرانيا أدى‬          ‫وبحلول عام ‪ 1994‬حدث‬            ‫والاقتصادية الغربية إلى‬
                               ‫تحول في السياسة الروسية‬         ‫إثارة العديد من المشكلات‬
   ‫إلى توقيع اتفاق تعترف‬                                        ‫بينها وبين موسكو‪ ،‬ذلك‬
 ‫فيه روسيا رسميًّا بوحدة‬           ‫بسبب خيبة أمل النخبة‬
‫أراضي جارتها الأوكرانية‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84