Page 232 - merit 42 jun 2022
P. 232

‫العـدد ‪42‬‬                                    ‫‪230‬‬

                                   ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                                     ‫عبد العزيز حجازي‬

        ‫منه وإليه‪ ،‬ولم يكن يتقبل‬                     ‫ممدوح سالم‬                       ‫وخسارة أفريقيا‪.‬‬
     ‫الاستماع إلى رأي مخالف لما‬                                              ‫ثالثًا‪ :‬أن هيكل في هذا المقال‬
   ‫اقتنع به أو أقنعه به من حوله‪.‬‬                            ‫للحكم‪.‬‬           ‫كشف ما كان يكنه السادات‬
‫وهذه مسألة خطيرة عندما تتعلق‬       ‫راب ًعا‪ :‬أن نظام السادات ظل قائ ًما‬      ‫من سوء الظن فيمن س َّماهم‬
     ‫بشخصية رئيس الجمهورية‬                                                   ‫«الأفندية»‪ ،‬وهم أهل الثقافة‬
    ‫واتخاذه قرارات مصيرية‪ .‬ثم‬         ‫على الازدواجية لا على التكامل‬       ‫والفكر والسياسة الذين لا عمل‬
  ‫يقول هيكل‪ :‬ويكفي أن السادات‬          ‫وتعدد الأدوار والتنسيق فيما‬       ‫لهم في تقديره إلا إثارة المشاكل‪،‬‬
   ‫لم يكن حري ًصا على أن يقرأ ما‬        ‫بينها‪ ،‬والدليل في رأي هيكل‬            ‫ووصفهم بقوله «ياخيبتهم‬
     ‫قدمه إليه رئيس الوزراء عبد‬        ‫أن السادات كان يختار رئيس‬            ‫الثقيلة»‪ .‬فلم يكن يحبهم ولا‬
   ‫العزيز حجازي من تقارير عن‬                                              ‫يحترمهم ولا يعطيهم مساحات‬
   ‫الشأن الاقتصادي‪ .‬وهنا نقول‬            ‫الوزارة‪ ،‬ويعطيه التفويض‪،‬‬             ‫واسعة في نظامه‪ .‬واستمر‬
   ‫إن سمة العناد والتجاهل ظلت‬             ‫ويمنح ثقته الكاملة لوزير‬            ‫استبعاد العلم والثقافة من‬
    ‫لصيقة بمبارك‪ ،‬فلم يكن يقرأ‬     ‫الداخلية ممدوح سالم ويقربه منه‬         ‫منظومة الحكم في مصر إلا من‬
  ‫ما يقدم إليه‪ ،‬ولم يكن يستجيب‬       ‫وينصت إليه‪ .‬حدث هذا مع عدد‬         ‫أدوار هي من لزوم الشيء‪ .‬وهنا‬
   ‫لما يحدث من تغيرات‪ ،‬وبعد أن‬         ‫من رؤساء الوزارة أمثال عبد‬       ‫نقول إن مبارك لم يصحح موقف‬
     ‫تفرض الأحداث نفسها يأتي‬        ‫العزيز حجازي‪ ،‬ومحمود فوزي‪،‬‬          ‫سلفه من العلم والثقافة على نحو‬
 ‫القرار متأخ ًرا عن وقته وساعته‪.‬‬    ‫ولما حانت الفرصة أبعد حجازي‪،‬‬           ‫جوهري أو جذري‪ ،‬فلم يمنح‬
  ‫ساد ًسا‪ :‬يختم هيكل رصده هذا‬            ‫وجعل ممدوح سالم رئي ًسا‬        ‫الجامعات حريتها واستقلالها عن‬
    ‫بقوله‪ :‬إن جهات دولية أرادت‬     ‫للوزارة وهو رجل أمن وليس مثل‬            ‫الوزير‪ ،‬ولم يعطها حق اختيار‬
 ‫أن يكون نائب السادات عينًا على‬       ‫حجازي رجل اقتصاد‪ ،‬ليواجه‬            ‫قياداتها‪ ،‬ولم يوفر لها مع ذلك‬
‫مصر‪ ،‬فكان عينًا لمصر وعو ًنا لها‪.‬‬    ‫أزمة النظام مع خصوم الداخل‪.‬‬           ‫الموارد المالية المناسبة للإنفاق‬
‫هنا نقول أي ًضا إنه على الرغم مما‬   ‫ونقول إن هذه الازدواجية وليس‬        ‫على البحث العلمي‪ ،‬وجعلها تابعة‬
‫نأخذه على مبارك وعلى نظامه من‬      ‫التكامل ظلت قائمة وبصورة أكبر‬             ‫لوزارة الداخلية‪ ،‬وجعل من‬
 ‫مآخذ‪ ،‬فلن نستطيع أن نقول عن‬          ‫طول عهد مبارك‪ ،‬وازداد نفوذ‬           ‫الثقافة والفنون واجهة جميلة‬
                                       ‫وزير الداخلية لمواجهة أزمات‬
           ‫مبارك أنه كان خائنًا‪.‬‬
    ‫وأخي ًرا كانت هذه رؤية هيكل‬                     ‫النظام المتكررة‪.‬‬
 ‫مر عليها زمن ليس قصي ًرا كتبها‬    ‫خام ًسا‪ :‬أن هيكل رأى أن السادات‬
     ‫ورحل وهو في سن متقدمة‪،‬‬
     ‫وبطبيعة التغيرات السياسية‬        ‫ك َّون رأيه وأفكاره من المقربين‬
    ‫والثقافية والاجتماعية سيبقى‬
  ‫من هيكل مجمل رؤاه التاريخية‬
   ‫الكبرى لمصر والعرب والعالم‪،‬‬
 ‫وكأنه شاهد على قرن من الزمان‬
‫يعد حتى الآن من أخصب القرون‬
    ‫وهو القرن العشرون‪ .‬تحتاج‬
‫رؤيته هذه إلى قراءة نقدية كاشفة‬
‫تؤصلها وتطعمها بأصول التطور‬

                        ‫والبقاء‬
   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237