Page 93 - merit 42 jun 2022
P. 93

‫نون النسوة ‪9 1‬‬

                                                                     ‫ألمًا خا ًّصا قد وقع على البطل‬
                                                                     ‫زياد (الابن)‪ ،‬الذي راحت‬

                                                                     ‫الكاتبة تصف رحلة علاجه‬

                                                                     ‫منذ اكتشافها للمرض‪،‬‬

                                                                     ‫وهو عبارة عن فص صغير‬

                                                                     ‫بحجم حبة العنب‪.‬‬

                                                                     ‫اتكأت الشيمي على بنيات‬

                                                                     ‫سردية متنوعة داخل‬

                                                                     ‫الرواية‪ ،‬فقد مزجت الخاص‬

                                                                     ‫بالعام والمطلق بالنسبي‬

                                                                     ‫والشعري بالسردي‪،‬‬

                                                                     ‫والواقعي بالافتراضي‪،‬‬

                                                                          ‫وأعتق ُد أن الرواية‬
                                                                     ‫كانت خلي ًطا فنيًّا يجسد‬
                                                                     ‫التناقض الزمني عبر رحلة‬

‫حميد لحميداني‬  ‫جيرار جينيت‬                           ‫آلان روب جرييه‬  ‫مشبوبة بالألم والدرامية‬
                                                                         ‫والحزن الذي يحمل‬

‫وفي ظني أن اللعبة السردية تولد دائ ًما داخل أزمنة‬    ‫خصوصية الأنثى التي تبحث عن ذاتها من خلال‬
  ‫كرونولوجية‪ ،‬تجسد التاريخ‪ /‬الماضي‪ ،‬والواقع‪/‬‬
   ‫الحاضر‪ ،‬بل تستشرف المستقبل أي ًضا‪ .‬وينبغي‬         ‫انزياح الأزمنة السردية‪ ،‬والقبض على توجهاتها‬
  ‫أن نقف عند مفهوم اللعب‪ ،‬والزمن داخل وخارج‬
  ‫السرد‪ ،‬حتى يتأتى لنا الدخول في العالم السردي‬       ‫السيميائية‪ .‬حيث تمثلت شخصيات الرواية في زياد‪،‬‬
     ‫عند منى الشيمي‪ ،‬من خلال انزياحات السرد‬
      ‫وألاعيبه وتقنياته المختلفة في النص السردي‪.‬‬     ‫الأم (منى) الزوج (أحمد)‪ ،‬بكر الذي تركها وحيدة‬

             ‫مفهوم اللعب‬                             ‫بسبب سفره إلى ألمانيا للبعثة‪ ،‬والعائلة في الصعيد‪/‬‬

 ‫في ظني أن اللعب ليس مجرد نشاط حركي‪ /‬عقلي‬            ‫نجع حمادي‪( ،‬قنا) وعلاقة بعضها ببعض‪ ،‬مع‬
   ‫يقوم به الإنسان‪ ،‬لأنه يمتلك طاقة حسية ما‪ ،‬بل‬
‫يعد اللعب جوه ًرا أساسيًّا في بناء العالم‪ ،‬حيث تبدو‬  ‫الوقوف على تفسخ العلاقات الأسرية في المجتمع‬
  ‫الكتابة الأدبية لعبة كبرى تنفلت منها لعبة السرد‬
‫والزمن‪ ،‬ومن ثم فإنني أعتق ُد أن اللعب بالزمن ليس‬     ‫المصري عقب الانفتاح الساداتي‪ ،‬وما بعدها‪ .‬وأعتق ُد‬
‫مجرد تداعيات مد وجزر وذهاب وإياب‪ ،‬بل تتجسد‬           ‫أن الكاتبة منى الشيمي من المبدعات اللاتي ينسجن‬
    ‫المتعة أثناء اللعب نفسه‪ ،‬وليس بعد الانتهاء من‬
   ‫اللعبة‪ ،‬حيث يشير هانز جورج جادامير‪ ،‬إلى «أن‬       ‫من خيوط السرد الروائي درو ًبا مشحونة الأحداث‬
  ‫اللعب نظام من حركة الذهاب‪ ،‬والمجيء‪ ،‬نظام من‬          ‫المتداخلة‪ ،‬فيشتبك المكان بالزمان‪ ،‬لأن ك ًّل منهما‬
  ‫المد والجزر‪ .‬المد فيض من المتعة‪ ،‬والجزر انحسار‬
‫لها ووعد بعودتها‪ .‬اللعب حركة لا تفتقر إلى الهدف‬      ‫يمثل حياة متحركة نحو الماضي المؤلم‪ .‬فهي تكشف‬

                                                     ‫عن قدرة الماضي في تشكيل أحداث الراهن‪ ،‬ومدى‬

                                                     ‫قدرة الراهن على استعادة الماضي في صياغات‬

                                                                     ‫متجددة‪.‬‬

                                                     ‫جاءت هذه الورقة البحثية حول محور فني لافت‪،‬‬

                                                     ‫وهو «لعبة الأزمنة السردية» في تجربة منى‬

                                                     ‫الشيمي(‪ .)2‬بوصفها كاتبة مصرية ذات نفس طويل‬

                                                     ‫وعميق في الرواية النسوية تحدي ًدا‪ ،‬على الرغم من‬
                                                     ‫أن رواية «بحجم حبة عنب» تحمل صو ًتا أنثو ًّيا‬
                                                     ‫خا ًّصا فإنها تحمل أصوات جمعية ناطقة بالحياة‬
                                                     ‫عبر مؤسسات مختلفة في الواقع المصري تحدي ًدا‪.‬‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98