Page 94 - merit 42 jun 2022
P. 94

‫العـدد ‪42‬‬                  ‫‪92‬‬

‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

 ‫فقط‪ ،‬بل تفتقر إلى الجهد أي ًضا‪ ،‬ولا يعني المُرا ِقب‬
 ‫هنا نفي الجهد عن النشاط اللعبي‪ ،‬بل يعني نفي‬
  ‫التوتر عن أي جهد يبذله اللاعب في لعبته‪ ،‬فبنية‬
‫اللعب تمتص اللاعب داخلها‪ ،‬وتحرره من التوتر‪.‬‬
‫الجهد السلس المبذول من اللاعب سمته الأساسية‬
‫التكرار‪ ،‬ليس تكرار الموضوعات‪ ،‬إنما تكرار حركة‬
‫الذهاب المجيء‪ .‬اللاعب ينظر لنفسه على أنه لاعب‬
  ‫في ُمباراة‪ ،‬فهناك ُمرا ِقبون يضعون قواعد الفوز‬

                                ‫والخسارة»(‪.)3‬‬

            ‫مفهوم الزمنية‬

‫تبدو الزمنية في ظني مساحة فنية ممتدة في الفضاء‬
  ‫السردي‪ ،‬بل تكون أكثر اتسا ًعا من مفهوم الزمن‬
      ‫نفسه‪ ،‬ففي ظني أن الزمنية‪ ،‬هي تلك الأزمنة‬
 ‫المطاطية التي تتحلى بالمرونة والاتساع‪ ،‬مما يسهم‬

 ‫في تجاوزها‪ ،‬وطيها‪ ،‬وقتلها في الوقت نفسه‪ .‬اتكأت‬
  ‫رواية «بحجم حبة عنب» على التداخل الزمني بين‬

    ‫الماضي والحاضر‪ ،‬حيث لجأ ْت الشيمي إلى لعبة‬
  ‫التوازي الزمني‪ ،‬والتداخل في آن واحد‪ ،‬فكثي ًرا ما‬
   ‫تراهن على الانفلات من ألم الواقع إلى الدخول في‬
‫عالم الذكريات‪ ،‬من خلال استعادة ذكريات الماضي‪،‬‬
   ‫كحديثها عن حياتها في المدينة الجامعية‪ /‬جامعة‬

    ‫القاهرة‪ ،‬وعلاقتها بالمعيد بكر عبد المولى‪ ،‬الفتى‬
‫الأسمر الصعيدي الشاب الذي أفلحت في اصطياده‪،‬‬

    ‫ولفت نظره‪ ،‬ليعلمها اللغة الهيروغليفية‪ ،‬كل هذا‬
     ‫الاسترجاع الزمني أثناء دخول زياد إلى غرفة‬
     ‫العمليات‪ ،‬وهي وسلة فنية للهروب من التفكير‬

  ‫في الحدث الآني‪ ،‬فاتخذت الكاتبة من الزمن معب ًرا‬
  ‫للآلام‪ ،‬فيرتبط الزمن بروح الإنسان؛ لأن «الزمن‬
    ‫في الأدب» هو الزمن الإنساني‪ ،‬إنه وعينا للزمن‬
  ‫كجزء من الخلفية الغامضة للخبرة‪ ،‬أو كما يدخل‬
‫الزمن في نسيج الحياة الإنسانية‪ ،‬والبحث عن معناه‬

    ‫إذن لا يحصل إلا ضمن نطاق عالم الخبرة هذا‪،‬‬
   ‫أو ضمن نطاق حياة إنسانية‪ ،‬تعتبر حصيلة هذه‬
 ‫الخبرات‪ ،‬وتعريف الزمن هنا هو خاص‪ ،‬شخصي‪،‬‬
 ‫ذاتي‪ ،‬أو كما يقال غالبًا نفسي‪ ،‬وتعني هذه الألفاظ‬
    ‫أننا نفكر بالزمن الذي يدخل في خبرتنا بصورة‬

                           ‫حضورية مباشرة»(‪.)4‬‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99