Page 6 - m
P. 6
العـدد 60 4
ديسمبر ٢٠٢3
“الجنة” هي الإجابة النهائية افتتاحية
للسرديات الدينية الإبراهيمية الثلاث
عن مصير الخلق بعد الموت ،فالناس
حين يموتون ُيحاسبون ،ومن كان
صال ًحا في الحياة الدنيا يدخل الجنة،
ومن كان غير ذلك يدخل النار .وهي
المكافأة الكبرى التي يقدمها سمير درويش
الخالق للطائعين الذين ينفذون
رئيس التحرير
ما ُيطلب منهم ،وهي -حسب “الجنة” في
هذا التصور -مستقٌّر دائ ٌم لكل السرديات
الصالحين في تاريخ البشرية منذ الدينية:
نشأة الإنسان على الأرض حتى قيام
الساعة ،تتوفر لهم فيها كل سبل
الراحة والمتعة دون جهد ،وهي
لا تخضع للمقاييس البشرية التي
نعرفها ،بل لها قوانينها المختلفة من «حديقة عدن» إلى
التي يضعها الخالق. «بستان الفردوس والخلد”!!
تكن تحمل نفس دلالتها الحالية ،فقد ُط ِّورت في هذا الفصل سوف أتوقف عند بعض
في المسيحية والإسلام بعد ذلك ،وقد وردت
النصوص التي ورد فيها ذكر (الجنة) أو
صريحة ( )14مرة في سفر التكوين: مشتقاتها في الكتب السماوية الثلاثة :التوراة
-1خمس مرات في الإصحاح الثاني (آيات (الأسفار الخمسة) ،الإنجيل (الكتب الأربعة
)16 ،15 ،10 ،9 ،8وهي على التوالي« :وغرس
الرب الإله جنة في عدن شر ًقا ووضع هناك الشهيرة :متى ومرقس ولوقا ويوحنا)،
آدم الذي جبله /وأنبت الرب الإله من الأرض والقرآن ،وبعض النصوص المقدسة الأخرى
كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل وشجرة
الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير مثل الأحاديث المنسوبة إلى النبي محمد،
والشر /وكان نهر يخرج من عدن ليسقي والأحاديث القدسية المنقولة عن الله ذاته،
وذلك في محاولة للملمة ملامح تلك الجنة
الجنة ومن هناك ينقسم فيصير أربعة
رؤوس /وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في ومواصفاتها ومقومات دخولها.
جنة عدن ليع َم َل َها ويحفظها /وأوصى الرب
الإله آدم قائ ًل :من جميع شجر الجنة تأكل الجنة في التوراة
أكلا” ..وكلها تتحدث عن خلق آدم ووضعه
أغلب الظن أن كلمة (جنة) في اليهودية -كما
وردت في التوراة ،أو الأسفار الخمسة -لم