Page 8 - m
P. 8

‫العـدد ‪60‬‬                                      ‫‪6‬‬

                                                  ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

    ‫فتصير حية تأكل ثعابين السحرة‪ ،‬ويشق‬                  ‫الأول‪ :‬طبيعة العلاقة بين يهوه (الرب)‬
‫البحر بعصاته ليخرجوا من بين الماء الساكن‪،‬‬              ‫وموسى كما ترد في التوراة‪ ،‬لأنها غريبة‬
 ‫ثم يغرق فرعون وجنوده‪ ،‬والذين رأوا الرب‬              ‫وتستحق التوقف‪ ..‬فقد ذكرت في الفصول‬
                                                        ‫السابقة أن (يهوه = الرب) ظهر بنفسه‬
     ‫(يهوه) جهرة‪ ،‬فخافوا‪ ،‬وقالوا لموسى أن‬           ‫لموسى وهو يكلفه بإخراج بني إسرائيل من‬
 ‫يذهب هو وحده ليكلمه ثم يأتي لهم بما قال‪،‬‬            ‫مصر‪ ،‬وأن موسى تحاشى النظر إليه‪ ..‬ثم‬
                                                   ‫ذكرت أنه ‪-‬يهوه‪ -‬ظهر بنفسه لموسى وبني‬
    ‫وبعد كل ذلك يطلبون أن ُتصنع لهم آلهة‬           ‫إسرائيل وقرأ عليهم بصوته الوصايا العشر‪،‬‬
  ‫تسير أمامهم‪ ،‬ويقولون إنها التي أخرجتهم‬             ‫ثم سلم موسى (ي ًدا بي ٍد) لوحين حجريين‬
  ‫من مصر! فإما إنهم لا يعرفون التقوى ولا‬              ‫مكتو ًبا عليها تلك الوصايا‪ ..‬أي أن الله في‬
   ‫الإيمان‪ ،‬أو أن الرواية ليست صحيحة‪ ،‬مع‬              ‫التوراة يظهر بشكل عادي ويتكلم ويناول‬

     ‫أنها وردت في القرآن أي ًضا‪« :‬وإذ واعدنا‬                                   ‫البشر أشياء‪.‬‬
‫موسى أربعين ليل ًة ث َّم ا َّتخذتم العجل من بعده‬     ‫هذه الصورة تختلف عند المسيحيين الذين‬
                                                  ‫يرون أن المسيح (الابن) تجسي ُد أ َّبا أو زيوس‪،‬‬
   ‫وأنتم ظالمون‪ ،‬ث َّم عفونا عنكم من بعد ذلك‬         ‫وأنه يأكل ويشرب ويمشي بين الناس وفي‬
          ‫لعلَّكم تشكرون (البقرة‪.)52 ،51 :‬‬           ‫الأسواق و ُيعذب و ُيصلب ويموت و ُيكفن‪..‬‬
                                                     ‫إلخ‪ ،‬لكنها تصدم المسلمين الذين يرون أن‬
   ‫لكن الدهشة الأكبر في التعامل بين موسى‬             ‫الله وحده في علوه لا يتحدث إلى البشر ولا‬
 ‫و(يهوه) في نفس الإصحاح‪ ،‬وسأنقل فقرات‬                ‫يظهر لهم‪ ،‬حتى أن النبي محمد حين ع َّرج‬
 ‫منه‪« :‬فقال الرب لموسى‪ :‬اذهب انزل‪ .‬لأنه قد‬         ‫إلى السماء ‪-‬لو صح‪ -‬لم ي َر الله كما سبق أن‬
  ‫فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر‪.‬‬
 ‫زاغوا سري ًعا عن الطريق الذي أوصيتهم به‪.‬‬                                           ‫ذكرت‪.‬‬
 ‫صنعوا لهم عج ًل مسبو ًكا‪ ،)...( ،‬وقال الرب‬           ‫تتضح العلاقة بين موسى و(يهوه) أعظم‬
                                                    ‫ما تتضح في سفر الخروج الإصحاح (‪،)32‬‬
     ‫لموسى‪ :‬رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب‬
   ‫صلب الرقبة‪ .‬فالآن اتركني ليح َمى غضبي‬               ‫حيث تأخر موسى عند يهوه‪ ،‬فطلب بنو‬
                                                        ‫إسرائيل من هارون أن يصنع لهم آلهة‬
     ‫عليهم وأفنيهم‪ ،‬فأصيِّ ُر َك شعبًا عظي ًما”‪.‬‬  ‫«تسير أمامنا»‪ ،‬فطلب منهم أن يجمعوا الذهب‬
    ‫أي أن الرب غضب مما فعله بنو إسرائيل‬             ‫الذي بجوزتهم هم وزوجاتهم‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬فقام‬
     ‫باتخاذهم العجل إل ًها‪ ،‬وطلب من موسى‬              ‫بصهر الذهب وصنع منه العجل الذهبي «‬
  ‫أن يتركه لـ(يح َمى غضبه) ويفنيهم جمي ًعا‬        ‫فقالوا‪ :‬هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك‬
                                                  ‫من أرض مصر‪ .‬فلما نظر هارون بنى مذب ًحا‬
              ‫ويخلق له شعبًا جدي ًدا عظي ًما‪.‬‬        ‫أمامه‪ ،‬ونادى هارون وقال‪ :‬غ ًدا عي ٌد للرب‪.‬‬
             ‫فماذا فعل موسى؟ هنا الوقفة‪:‬‬             ‫فب ِّكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا‬
 ‫“فتضرع موسى أمام الرب إلهه‪ ،‬وقال‪ :‬لماذا‬          ‫ذبائح سلامة‪ .‬وجلس الشعب للأكل والشرب‬
‫يا رب يح َمى غضبك على شعبك الذي أخرجته‬
‫من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟ لماذا‬                                      ‫ثم قاموا للعب”‪.‬‬
   ‫يتكلم المصريون قائلين‪ :‬أخرجهم (بخبث)‬           ‫الدهشة هنا كبيرة ج ًّدا لتصرف (وزير) النبي‬
‫ليقتلهم في الجبال‪ ،‬ويفنيهم عن وجه الأرض؟‬
    ‫ارجع عن حمو غضبك‪ ،‬واندم على الشر‬                   ‫الذي صنع إل ًها ذهبيًّا غير الرب (يهوه)‪،‬‬
    ‫بشعبك‪ ،)...( ،‬فندم الرب على الشر الذي‬          ‫وهو ما يعني أنه ليس مؤمنًا بالرب بقلبه ولا‬
‫قال إنه يفعله بشعبه‪ ،)...( ،‬فرجع موسى إلى‬         ‫مصد ًقا أخيه موسى‪ ،‬ومن بني إسرائيل الذين‬
  ‫الرب‪ ،‬وقال‪ :‬آه‪ ،‬قد أخطأ هذا الشعب خطيَّة‬
     ‫عظيمة وصنعوا لأنفسهم آلهة من ذهب‪.‬‬              ‫رأوا موسى ‪-‬بأمر الرب إلهه‪ -‬يلقي عصاه‬
 ‫والآن إن غفرت خطيتهم‪ ،‬وإلا فامحني من‬

                       ‫كتابك الذي كتبت”‪.‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13