Page 13 - m
P. 13
افتتاحية 1 1
هي (ملكوت السماء) أو (ملكوت الرب)، النص والمثل يشيران -كما يتضح -إلى أن
“ ַמ ְלכּות ַה ָּׁש ַמ ִים" بالعبرية وΒασιλεία العمل الصالح ينمو بذاته دون تدخل ممن قام
τῶν οὐρανῶνبالكوينية اليونانية ،وبدأ
الحديث عن أنها مكافأة المتدينين المخلصين به ،الرب يكبره وينميه دون أن يدرك البشر
بعد الموت ،وأن بها درجات على حسب درجة كيف ..والمثل يشير إلى موضوع (الخدمة) أو
الكرازة التي تترك أث ًرا في الآخرين يتعاظم مع
الإخلاص والعطاء في الدنيا. مرور الوقت ،وقد يحول العاصي إلى مؤمن
لكن ذكر الجنة في الإسلام ،كما يظهر في
القرآن الكريم والأحاديث النبوية والأحاديث بتراكم الحصاد.
القدسية والسرديات الإسلامية الأخرى، فهل (هكذا الملكوت) التي قالها السيد المسيح
سيكون أكثر تفصي ًل ووضو ًحا .فالجنة هي
مكان جميل وهادئ ورائع ،وواسع ج ًّدا ،فيه تعني أن درجة المؤمن تتعاظم داخله بعمله
من كل الخيرات فوق ما يتخيل البشر ،وقد الصالح الذي يتنامى؟ أم يقصد أن عم ًل
أُعدت كمكافأة للصالحين بعد الموت ،ففي
حديث صحيح رواه البخاري (الصفحة أو صغي ًرا يظن صاحبه أنه تافه ،مثل الخدمة،
الرقم ،)4779 :عن أبي هريرة ،قال :قال قد يكون سببًا في دخوله ودخول آخرين
عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز للملكوت؟ ربما هذا وذاك ،لكن في النهاية
وجل“ :قال الله :أعددت لعبادي الصالحين ما فإن (ملكوت السماء) أو (ملكوت الرب)
لا عين رأت ،ولا أذن سمعت ،ولا خطر على في الأناجيل ،وفي العقيدة المسيحية يوازي
(الجنة) في الإسلام -كما سأبين -كونه
قلب بشر”.
وقد وردت كلمة (الجنة) 146مرة في القرآن مكافأة للمؤمن على إيمانه ،وأنه درجات فوق
بعضها حسب درجة المؤمن ،فالذي يؤمن
بعدة صور:
بصيغة المفرد ( 78مرة) :الجنة ،56جنة دون أن يفعل في درجة دنيا ،بينما الذي يؤمن
ويفعل في درجة عظيمة .والأمثلة في الأناجيل
،18جنتي ،1جنتك ،2جنته .1 الأربعة كثيرة يصعب التوقف عندها جمي ًعا،
بصيغة المثنى ( 7مرات) :جنتان ،3جنتين لذلك اكتفيت ببعضها ،لأن الحصر ليس هدف
،2الجنتين .2 هذه الكتابة.
بصيغة الجمع ( 63مرة) :جنات ،62
الجنة في الإسلام
الجنات .1
و(الجنة) تشير أحيا ًنا إلى المكان الذي ُخلق في الاستعراض السابق وجدنا أن (الجنة)
فيه آدم وحواء ،كقوله تعالى «وقلنا يا آدم في الديانة اليهودية ،كما تظهر في التوراة،
اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغ ًدا هي (حديقة عدن) التي خلقها (يهوه) لكي
حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا يضع آدم فيها بعد خلقه ،وظل فيها وحي ًدا
من الظالمين” (البقرة ،)35 :والتي أُخ ِرجا إلى أن استشعر الوحدة ،فأنامه الله ،أي غيبه
منها وهبطا إلى الأرض بعد ذلك «قال اهبطا عن الوعي ،واقتطع جز ًءا من جنبه وخلق
منها جمي ًعا بعضكم لبعض عد ٌّو فإما يأتينكم منه حواء لتكون زوجته ورفيقته ،ثم ملأ
مكان الجزء المقتطع لح ًما ،ثم رأينا كيف أكل
مني ه ًدى فمن اتبع هدا َي فلا يض ُّل ولا من الشجرة المحرمة حتى حكم عليه (يهوه)
يش َقى” (طه ،)123 :وكذلك تشير إلى كونها بالخروج من الجنة ،أو الحديقة ،دون ذكر
مسكنًا ومستق ًرا للصالحين في الحياة الآخرة
«أصحاب الجنة يومئ ٍذ خي ُر مستق ًّرا وأحس ُن أن نفس الجنة ستكون مكفأة للمؤمنين
مقيلا” (الفرقان )24 :ولا توجد أي إشارة إلى المخلصين.
ثم رأينا أن (الجنة) في العقيدة المسيحية