Page 14 - m
P. 14

‫العـدد ‪60‬‬                                    ‫‪12‬‬

                                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

    ‫بها المتَّ ُقون الصالحون في القرآن‪ ،‬من ذلك‬   ‫أن هذه جنة وتلك جنة أخرى‪ ،‬بل ثمة تأكيد‬
‫قوله‪« :‬مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار‬     ‫أن (الجنة) درجات بحسب عمل المؤمن‪ ،‬وأن‬

    ‫من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير‬                           ‫سقفها عر َش الرحمن‪.‬‬
  ‫طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار‬         ‫فقد أورد البخاري حديثًا صحي ًحا‪ ،‬الصفحة‬
  ‫من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات‬              ‫أو الرقم‪ ،2790 :‬عن أبي هريرة‪ ،‬أن النبي‬
                                                  ‫(ص) قال‪« :‬من آمن بالله وبرسوله‪ ،‬وأقام‬
   ‫ومغفرة من ربهم” (محمد‪ .)15 :‬و”فيهما‬             ‫الصلاة‪ ،‬وصام رمضان؛ كان ح ًّقا على الله‬
    ‫عينان تجريان” (الرحمن‪ ،)50 :‬و»فيهما‬         ‫أن يدخله الجنة‪ ،‬جاهد في سبيل الله أو جلس‬
‫عينان نضاختان” (الرحمن‪“ .)66 :‬إن الأبرار‬
      ‫يشربون من كأس كان مزاجها كافورا‪،‬‬             ‫في أرضه التي ولد فيها‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول‬
 ‫عينًا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا”‬       ‫الله‪ ،‬أفلا نبشر الناس؟ قال‪ :‬إن في الجنة مئة‬
    ‫(الإنسان‪ .)6 ،5 :‬و»إن الأبرار لفي نعيم‪،‬‬       ‫درجة‪ ،‬أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله‪،‬‬
    ‫على الأرائك ينظرون‪ ،‬تعرف في وجوههم‬            ‫ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض‪،‬‬
    ‫نضرة النعيم‪ ،‬يسقون من رحيق مختوم‪،‬‬
  ‫ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون‪،‬‬           ‫فإذا سألتم الله‪ ،‬فاسألوه الفردوس؛ فإنه‬
‫ومزاجه من تسنيم‪ ،‬عينًا يشرب بها المق َّربون”‬    ‫أوسط الجنة وأعلى الجنة ‪-‬أراه‪ -‬فوقه عرش‬
  ‫(المطففين‪“ .)28 ،22 :‬ويسقون فيها كأسا‬
                                                          ‫الرحمن‪ ،‬ومنه تفجر أنهار الجنة”‪.‬‬
      ‫كان مزاجها زنجبيلا‪ ،‬عينًا فيها تسمى‬        ‫يقول النبي في الحديث إن كل مؤمن سيدخل‬
             ‫سلسبيلا” (الإنسان‪.)18 ،17 :‬‬
                                                      ‫الجنة‪ ،‬جاهد أو قعد في بيته‪ ،‬لكن الجنة‬
‫لكن السؤال‪ :‬لماذا جاء لفظ الجنة مفر ًدا ومثنى‬         ‫درجات أعلاها الفردوس‪ ،‬وفوقه عرش‬
                                  ‫وجم ًعا؟‬           ‫الرحمن‪ .‬وفي شرح الحديث كما جاء في‬
                                                ‫الموسوعة الحديثة(‪ :)6‬الفردوس “هو البستان‬
  ‫مثال المفرد‪« :‬وسارعوا إلى مغفرة من ربكم‬             ‫يكون فيه الشجر والزهور والنباتات”؛‬
    ‫وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت‬                   ‫و»(أوسط الجنة‪ ،‬وأعلى الجنة)‪ ،‬والمراد‬
    ‫للمتقين” (آل عمران‪ ،)133 :‬المثنى‪« :‬ولمن‬          ‫بالأوسط هنا‪ :‬الأعدل‪ ،‬والأفضل‪ ،‬كقوله‬
     ‫خاف مقام ربه جنتان” (الرحمن‪،)46 :‬‬           ‫تعالى‪“ :‬وكذلك جعلناكم أمة وسطا” (البقرة‪:‬‬
    ‫الجمع‪« :‬فأنشأنا لكم به جنات من نخيل‬         ‫‪ ،)143‬وقيل‪ :‬المراد بالأوسط السعة‪ ،‬وبالأعلى‬

‫وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون”‬                                       ‫الفوقية”‪.‬‬
                                                   ‫والجنة تأتي وحدها في أغلب الآيات‪ ،‬لكنها‬

                                                    ‫تأتي مقترنة بصفة في بعضها‪ ،‬مثل جنة‬
                                                 ‫الخلد وجنة النعيم وجنة المأوى وجنة عالية‪،‬‬

                                                    ‫وجنة نعيم أو جنة النعيم (معرفة بالألف‬
                                                  ‫واللام)‪ ،‬من ذلك قوله تعالى‪« :‬قل أذلك خير‬
                                                   ‫أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم‬
                                                ‫جزا ًء ومصيرا” (الفرقان‪« ،)15 :‬واجعلني من‬
                                                 ‫ورثة جنة النعيم” (الشعراء‪« ،)85 :‬عندها‬
                                                ‫جنة المأوى” (النجم‪« ،)15 :‬في جنة عالية”‬

                                                    ‫(الحاقة‪« ،)22 :‬أيطمع كل امرئ منهم أن‬
                                                 ‫يدخل جنة نعيم” (المعارج‪« ،)38 :‬في جنة‬

                                                                   ‫عالية” (الغاشية‪.)10 :‬‬
                                                   ‫وقد وردت بعض أوصاف الجنة التي ُوعد‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19