Page 15 - m
P. 15
افتتاحية 1 3
سبع سماوات وسبع أراضين وعرش الرحمن (المؤمنون.)19 :
فوقهم جمي ًعا ..فقط ،وبين كل منها مسيرة أو ًل :لكي نستطيع تصور السؤال نفسه
لتكون ثمة إجابة دقيقة عليه ،يجب أن نسأل
خمسمائة سنة بوسيلة المواصلات التي كانت قب ًل :ما هي الجنة في السردية الإسلامية؟
معروفة وقتها :الجمل .لذلك حين قال الله الإجابة هي البستان ،ففي تفسير الطبري
«جنة عرضها السماوات والأرض» تع َّجبوا لآية «أعد الله لهم جنات تجري من تحتها
لأن الله لم يترك مكا ًنا للنار! الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم”
(التوبة ،)89 :يقول« :قال أبو جعفر :يقول
ففي تفسير ابن كثير للآية جاء« :عن طارق تعالى ذكره :أعد الله لرسوله محمد (ص)
بن شهاب أن نا ًسا من اليهود سألوا عمر بن وللذين آمنوا معه (جنات) ،وهي البساتين”.
الخطاب عن جنة عرضها السماوات والأرض، وفي تفسير ابن كثير للآية ( )19من سورة
(المؤمنون) السابق ذكرها قبل عدة أسطر
فأين النار؟ فقال عمر :أرأيتم إذا جاء الليل يقول« :يعني :فأخرجنا لكم بما أنزلنا من الماء
أين النهار؟ وإذا جاء النهار أين الليل؟ فقالوا: (جنَّات) أي :بساتين وحدائق ذات بهجة ،أي:
لقد نزعت مثلها من التوراة .رواه ابن جرير ذات منظر حسن” .وهو المفهوم نفسه لـ»جنة
من الثلاثة الطرق ثم قال )...( :أنبأنا يزيد بن عدن» في السردية اليهودية ،أي الحديقة.
الأصم أن رج ًل من أهل الكتاب قال :يقولون: مع ملاحظة أن التفاسير لا تذكر لماذا قال
الله تعالى (جنتان) بالمثنى تحدي ًدا ،ففي الآية
(جنة عرضها السماوات والأرض) فأين ( )46من سورة الرحمن «ولمن خاف مقام
النار؟ فقال ابن عباس :أين يكون الليل إذا جاء ربه جنتان» يقول «جنتان ،يعني بستانين”!
فهو يفسر المثنى بالجمع عادي ،ثم يتحدث
النهار ،وأين يكون النهار إذا جاء الليل؟ فيما تبقى عن أسباب ومعنى الخوف «خاف
وقد روي هذا مرفو ًعا ،فقال البزار :حدثنا
محمد بن معمر ( )...عن أبي هريرة قال: مقام ربه”.
جاء رجل إلى رسول الله فقال :أرأيت قوله ثانيًا :يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن الكون
تعالى (جنة عرضها السماوات والأرض) فأين بالنسبة للقدماء الذين نزل عليهم القرآن،
النار؟ قال« :أرأيت الليل إذا جاء لبس كل وبالنسبة للسردية الإسلامية نفسها ،هو
شيء ،فأين النهار؟ «قال :حيث شاء الله .قال:
«وكذلك النار تكون حيث شاء الله عز وجل».
بهذا المنطق يقول ال ُّش َّراح إن الجنة هي
البستان ،وهو لفظ عام ُيطلق على كل ما
ينطوي تحت هذا الفهم،
مهما كان حجمه وعدده،
فالجنة = الجنتان والجنات.
فالبستان الكبير كله جنة،
وإن دخلته تتجول بين
أشجار وأزهار متنوعة
كأن كل منها جنة منفصلة،
فتكون جنات ،وبعض الناس
يكون عن يمينه جنة وعن
يساره جنة فتكون جنتان(.)7
هذا التحليل التبريري
المسطح يتغافل عما يقوله
ال ُّش َّراح أنفسهم من أن