Page 19 - m
P. 19
افتتاحية 1 7
موعودين بأن نجد كل شيء نفكر فيه أمامنا لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
دون عناء؟ فيها نز ًل من عند الله وما عند الله خير
*** للأبرار” (آل عمران« ،)198 :وجعلنا فيها
جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من
بصرف النظر عن المبالغة في وصف الجنة، العيون ،ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم
وتطور مفهومها من (حديقة عدن) في أفلا يشكرون” (يس”« ،)35 ،34 :الجنة التي
وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن
اليهودية التي عاش فيها آدم منذ خلقه حتى
نزوله إلى الأرض ،إلى (ملكوت السماء) أو وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار
(ملكوت الرب) في المسيحية كمستقر بعد من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل
الموت دون أوصاف ،إلى هذه الأوصاف مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة
الحسية المبالغ فيها في الإسلام ..بصرف من ربهم” (محمد ..)15 :كما ثار جدال كثير
النظر عن ذلك ،فهناك من يرون أنها مجرد عما ورد بالقرآن بشأن “الولدان المخلدون”
ترغيب خيالي لا وجود له ،وأن «عقيدة في الجنة« :يطوف عليهم ولدان مخلدون،
البعث( )13سبقت ظهور الديانات الإبراهيمية بأكواب وأباريق وكأس من معين” (الرحمن:
حتى تم بناء الأهرامات ،وهي شواهد على « ،)18 ،17ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا
رأيتهم حسبتهم لؤل ًؤا منثو ًرا” (الإنسان:
علاقة المصري وإيمانه الشديد بانتظار العالم
الآخر بعد الموت .فهناك جنة الأبرار ونار ،)19وما إذا كانوا مادة للمتعة الجنسية
أي ًضا ،إذ لماذا ولدان صغار؟ ولماذا كاللؤلؤ
الأشرار ،على أن تجري محاكمة إلهية فاصلة المنثور؟ وهل لهذا الوصف علاقة بوصف
لدخول أحدهما ،فكانت اللغة المصرية القديمة حور العين بـ»اللؤلؤ المكنون»؟ ولا يغيب عنَّا
تكتب على المقابر “دي عنخ جت جح” بمعنى بعض ما يثار عن مجامعة الأولاد في بعض
“معطي الحياة ،معطي الأبدية” ،كما نقرأ المناطق.
في (كتاب الموتى) الفرعوني عن بردية آني ال ُّش َّراح المسلمون ينفون فكرة ممارسة
الجنس مع الولدان في الجنة ،فيقول الدكتور
بالمتحف البريطاني للكاتب برت إم هرو، عصام الروبي ،أحد علماء الأزهر الشريف
ترجمه إلى العربية د.فيليب عطية (ص:)8 لموقع مصراوي“ :ولعل الحكمة في أن الله
“التحية يا كل آلهة معبد الروح الذين يزنون خلقهم على تلك الصورة أنهم في سنهم
الأرض والسماء في الميزان ويمنحون بسخاء هذه يكونون أخف في الخدمة وأسرع
وجبات الطعام في الضريح ..خالق البشر.. في الاستجابة؛ تلبية لمخدوميهم وإرضاء
لتأت مهل ًل لـ(رع) سيد السماء ،أمير الحياة.. لهم”( ،)12وهذه الإجابة تخلق مشكلة أخرى:
عدوك الثعبان قد ألقي إلى النيران” .فهذا يدلل هل الرجال حديثو السن ،أو الشباب ،أقل في
على أن الضريح جزء مستمر للحياة بعد موت القدرة على الحركة والخدمة من الولدان؟ وهل
الجسد ،وكما كان الثعبان رمز الشر في جنة مفهوم الولدان والشباب في الجنة هو نفسه
عدن ،هو كذلك في العقيدة الفرعونية رمز في الجنة؟ ألم يعد النبي المؤمن -في حديث
الشر ،حتى أن هذا الثعبان قد ألقي في النيران. أوردته قب ًل -بأن يكون شا ًّبا فتيًّا لا يكبر؟
وفي (ص )20تتضح الصورة أكثر ،ذلك أن وهل مفهوم (الحركة) الدنيوي هو المفهوم
“الموكب الجنائزي يتقدم إلى المقبرة ..على نفسه في الجنة؟ هل المسافات والأثقال
مائدة القرابين يقف كاهنان ..في اليد الأخرى في الدنيا مثلهما في الجنة؟ والأهم من كل
أداة لفتح الفم على هيئة سهم ..يتمكن من ذلك :هل في الجنة سادة وعبيد؟ ألسنا
خلالها المتوفي من الحصول على قدرة تناول
الطعام والشراب والحديث في العالم الآخر..