Page 22 - m
P. 22

‫العـدد ‪60‬‬     ‫‪20‬‬

                                                  ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫د‪.‬محمد زيدان‬

‫مقدمة في نظرية‬
‫السرد المعاصر‬

‫تعد الآن أهم التنظيرات في دراسة السرد قائمة على السرد القصصي‬

‫لأنها نشأت في بيئة حفل بهذه الاتجاهات الحكائية القديمة‪ ،‬ويقرر‬

‫«شولز» أنه لا بد من توافر عنصرين أساسيين في النص حتى يمكن‬

‫اعتباره ن ًّصا سرد ًّيا يوضع في مصاف النصوص السردية وهما‪:‬‬
‫وجود السارد «الراوي» ووجود الحدث‪ ،‬كما يقدم سر ًدا واف ًيا لميراث‬
‫السرد التقليدي قدي ًما وحدي ًثا ويورد أيضا كل الدراسات السردية التى‬
‫قامت على تصور لغة الحكاية والسرد وتنظيراته بين النقاد القدامي‬

‫والمحدثين‪ ،‬وكلها تمتاح وتعتمد على النصوص الحكائية‪ :‬الراوية‬

‫والقصة‪ ،‬أما الإشارات إلى الشعر فهي قليلة ج ًّدا في مجال تنظيرات‬
‫السرد‪.‬‬

 ‫أما السرد الشعبي؛ والذي يجري على ألسنة الناس‬      ‫السرد في الفنون هو أهم عنصر يمكن أن يعول‬
     ‫سرد عشوائي‪ ،‬ولكن من داخل هذه العشوائية‬
                                                   ‫عليه في عملية البناء النصي‪ ،‬والتي تصبح بدورها‬
 ‫يمكن فصل القوانين التي تنظم حركته‪ ،‬أما السرد‬     ‫جز ًءا من المنظور السردي داخل الإطار العام للنوع‬
 ‫الأدبي‪ ،‬والديني‪ ،‬والتاريخي‪ ،‬وغير ذلك فهو سرد‬     ‫الأدبي‪ ،‬ورؤية لمدى التطور الذي يمكن أن يسهم في‬
‫منظم يمكن التخطيط له عن طريق الذاكرة الإنسانية‬      ‫تشكيل الجدل الدائم بين الفن والواقع‪ ،‬وهو قديم‬
‫التي تسترجع جميع أبجديات هذا السرد من خلال‬
   ‫استغلال حقيقي وحي لمفردات الحياة الإنسانية‪.‬‬       ‫قدم الإنسان‪ ،‬لأن به تنفس الوعي البشري أولى‬
                                                              ‫خطواته وهو يدرج على مدار البدايات‪.‬‬
     ‫السرد بهذا المفهوم يمكن أن نطلق عليه سر ًدا‬
 ‫اصطلاحيًّا يتصل بذاكرة الحاكية ويؤصل لثوابتها‬     ‫بدأ السرد مع أول لفتة أو كلمة من الإنسان الأول‬
                                                    ‫تجاه الأشياء ليمثل الوجود الإنساني بشكل عام‪،‬‬
    ‫وعناصرها التي تشكل بدورها فضاء يأتلف أو‬       ‫حتى يمكن القول إن السرد هو الحياة‪ ،‬أو هو الجزء‬
   ‫يختلف مع مفردات الحياة اليومية من جهة ومع‬       ‫الأهم من الحياة‪ ،‬فإذا انتقل بكل ما فيه من ادهاش‬
    ‫العلوم الناشئة والراسخة من جهة أخرى‪ ،‬حتى‬        ‫وجدة إلى الأنواع الأدبية‪ ،‬فإنه يحولها إلى بناءات‬
‫أصبح السرد عل ًما من العلوم التي تبحث عن آليات‬    ‫جديدة تستطيع أن تطور نفسها على أيدي مجموعة‬

                    ‫عملها في مصدرين رئيسيين‪.‬‬            ‫من عظام السراد على مدار التاريخ الإنساني‪.‬‬
                    ‫الأول‪ :‬النصوص الإبداعية‪.‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27