Page 23 - m
P. 23

‫‪21‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

   ‫عند جنيت‪ ،‬ودراسة العناصر السردية الخالصة‬              ‫الثاني‪ :‬مصادر الإبداع الحديثة كالسينما‬
  ‫كالسارد والزمن والفضاء والشخصيات النصية‪،‬‬                             ‫والمسرح والفنون المختلفة‪.‬‬

      ‫بالإضافة إلي العناصر الأخرى التي لا تتصل‬     ‫ويأتي تضافر المصادر وامتزاجها بعناصر السرد‬
     ‫بمفهوم المنظور السردي‪ ،‬وهي عناصر تتصل‬              ‫المختلفة كمكمل موضوعي حتى تكتمل دائرة‬
‫بمفهومات اللغة‪ ،‬وحتى جماليات التصوير والترميز‬          ‫التفكير السردي المعاصر‪ ،‬بالإضافة إلى تطور‬
      ‫والتشخيص في العمل السردي كما ظهرت فى‬
                                                    ‫المفهوم من خلال المنظورات المختلفة‪ ،‬كالمنظورات‬
                            ‫كتابات نقدية أخرى‪.‬‬        ‫الفلسفية والأدبية والعلمية‪ ،‬ليصبح هذا التطور‬

‫اتجاهات السرد في النقد الحديث‬                      ‫أهم مصدر من مصادر السرد المعاصر‪ ،‬أما السرد‬
                                                    ‫القرآني؛ والذي اكتملت فيه نظرية السرد قبل أن‬
      ‫سادت في النقد الحديث مجموعة من المداخل‬         ‫تطرح من قبل المنظرين الغربيين الذين انتشرت‬
   ‫المهمة لدراسة السرد‪ ،‬وكلها تنزع في الأغلب إلى‬
     ‫تحليل الخطاب السردي تحلي ًل يتسم بالعلمية‬    ‫نظرية السرد المعاصر على أيديهم‪ ،‬فهو سرد نوعي‬
   ‫والموضوعية‪ ،‬وهما يتجليان في محاولة الوقوف‬       ‫لا يمكن وصفه إلا بنوعه‪ :‬السرد القرآني‪ ،‬وانصب‬
   ‫على الحدود السردية الموجودة في النص اعتما ًدا‬  ‫الاهتمام على التفكير السردي في النصوص الروائية‬
   ‫على اللغة فقط‪ ،‬دون اللجوء إلى ما يدعم ذلك من‬   ‫والقصصية‪ ،‬حتى أصبح السرد يعرف بهما‪ ،‬وتابع‬
   ‫خارج النص الأدبي‪ ،‬كما يعتمد هذا الاتجاه على‬
  ‫الأسس اللغوية التي قدمتها اتجاهات نقدية عامة‬       ‫النقاد إيغالهم في هذا الباب ليضعوا كلمة السرد‬
                                                     ‫بد ًل من القصة والرواية في أحاديثهم وكتاباتهم‬
     ‫كالشكلانيين الروس‪ ،‬أو جهود فردية خاصة‬
  ‫كطروحات دي سوسير في علم اللغة‪ ،‬وما يتصل‬              ‫فيقال (دراسة في السرد المعاصر) والمعنى‪ :‬في‬
                                                     ‫القصة والرواية‪ ،‬ونسي النقد المعاصر أن السرد‬
      ‫بالفواصل والعلاقات في إطار لغة النص‪ ،‬أما‬      ‫في الأنواع الأدبية بدأ في التراتيل الدينية والأغاني‬
  ‫الاتجاهات الأخرى فقدمت بعض الطروحات التي‬          ‫الرعوية قبل الميلاد وهي «شعر»‪ ،‬ثم كان ظهوره‬
 ‫تجعل من النص السردي منطل ًقا لبناء فنى متميز؛‬    ‫القوى في الملاحة الشعرية‪ ،‬ثم انتقل إلى النثر بتأثير‬

     ‫وتدخل معه علاقات أخرى قد تتصل بالحدود‬              ‫من الحكايات التي نظمت شع ًرا حتى أن النقد‬
‫السردية الغائبة أو شبه الغائبة‪ ،‬وهذه الحدود عادة‬   ‫العربي المعاصر لا يعرف إلا عد ًدا محدو ًدا ج ًّدا من‬
                                                    ‫الدراسات التي تسهم في التنظير للسرد الشعري‪.‬‬
  ‫ما ترتبط بحركة الحدث والراوي وشعرية اللغة‪،‬‬
 ‫وموضوعيتها‪ ،‬وما تقدمه من أساليب تنجز طر ًحا‬              ‫أما فيما يختص بالمفاهيم التي تقيم الفضاء‬
                                                   ‫السردي في النصوص الأدبية‪ ،‬فإن بعضها يتصل‬
        ‫سرد ًّيا يمكن من خلاله السير في اتجاهين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬تشكيل النص وعلاقاته بالتطور الحادث‬               ‫بالمفهوم اللغوي المعاصر‪ ،‬وقد أصبح المفهوم‬
                                                      ‫معلو ًما بالضرورة الأدبية والواقعية(‪ )1‬وبعضها‬
                               ‫فى النوع الأدبى‪.‬‬
     ‫الثاني‪ :‬ما وراء النص وحدود اللغة الممثلة‬            ‫يتصل بالمفهوم الاصطلاحي الذي يعول على‬
                                                       ‫وجود ذات فاعلة للسرد بشكل مباشر أو غير‬
                                      ‫للخطاب‪.‬‬          ‫مباشر‪ ،‬وفعل يرقى أحيا ًنا ليصبح حد ًثا‪ ،‬وما‬
   ‫وهذه الاتجاهات السردية في الدراسات الحديثة‬         ‫يتبع ذلك من فضاءات ومجازات‪ ،‬بعضها يظهر‬
                                                     ‫جليًّا في النص الشعري وبعضها يظهر في النص‬
       ‫تجد ص ًدى واس ًعا بين عدد كبير من النقاد‬        ‫القصصي‪ ،‬وبعضها يتضام في رؤى النصين‪،‬‬
 ‫والدراسين‪ ،‬وذلك لأن الجمع بينها يكون عادة هو‬      ‫بالإضافة إلى مفاهيم تتصل بلغة المسرح والسينما‬
  ‫السمة المميزة للدراسات السردية في النقد بصفة‬
                                                         ‫والتمثيليات‪ ،‬وغير ذلك من الفنون البصرية‬
    ‫عامة‪ ،‬وفي الدراسات العربية خاصة‪ ،‬وانصبت‬         ‫وغير البصرية‪ .‬وبتضافر عناصر المفهوم اللغوي‬
  ‫هذه الجهود السردية على دراسة النص السردي‬          ‫والمفهوم الاصطلاحي تبرز تفصيلات الاتجاهات‬
  ‫‪-‬القصة والرواية‪ -‬حتى أصبحت هذه الدراسات‬         ‫السردية بداية من دراسة المنظور الحكائي‪ ،‬كما جاء‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28