Page 11 - m
P. 11

‫افتتاحية ‪9‬‬

    ‫(مرقس ‪ )22 :1‬ومفسري الشريعة‪ .‬كان‬             ‫أعظم منه»‪ .‬ففي النص فإن يوحنا المعمدان‬
 ‫لهم احترام كبير في المجتمع بسبب معرفتهم‬            ‫‪-‬الذي ع َّمد المسيح وبشر به‪ -‬هو أعظم‬
  ‫وتكريسهم ومظهر حفظهم الناموس‪ .‬ولكن‬
                                                 ‫من ول َد ْت النساء‪ ،‬لكن (الأصغر في ملكوت‬
    ‫الكتبة أضافوا إلى تفسير الناموس الكثير‬           ‫السماء) أعظم منه‪ ،‬فما بالنا بالأعظم؟!‬
  ‫من التقاليد البشرية‪ .‬وصاروا محترفين في‬
  ‫الإلتزام بحرفية الناموس مع تجاهل روح‬         ‫‪ -3‬في قوله «إنكم إن لم يزد ِبركم على الكتبة‬
                                                 ‫والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات”‬
     ‫الناموس‪ .‬وقد ساءت الأمور لدرجة أن‬                   ‫إنما يشير إلى نوعين من المؤمنين‪:‬‬
    ‫القوانين والتقاليد التي أضافها الكتبة إلى‬                                ‫أ‪ -‬الكتبة‪:‬‬
‫الناموس صارت أهم من الناموس نفسه”(‪.)2‬‬           ‫الكتبة في “إسرائيل القديمة رجال متعلمون‬

                         ‫ب‪ -‬الفريسيون‪:‬‬         ‫وعملهم هو دراسة الناموس ونسخه وتدوين‬
       ‫“الفريسيون هم إحدى الفئات الدينية‬         ‫تفسيره‪ .‬كما كان يتم توظيفهم أحيا ًنا عند‬
‫اليهودية الرئيسية الثلاث التي كانت معروفة‬
     ‫عند اليهود وحتى مجيء المسيح‪ .‬وهذه‬         ‫الحاجة إلى وثائق مكتوبة‪ ،‬أو إلى تفسير نقاط‬
‫الفئات الثلاث‪ ،‬هي‪ :‬الصدوقيون‪ ،‬والأسينيون‬         ‫قانونية‪ .‬كان عزرا «كاتب ماهر في شريعة‬
‫والفريسيون‪ .‬وكلمة فريسي بحد ذاتها‪ ،‬كلمة‬          ‫موسى» (عزرا ‪ .)6 :7‬كان الكتبة ينظرون‬
   ‫آرامية ومعناها «المنعزل» فالفريسيون هم‬         ‫إلى عملهم في حفظ الكلمة المقدسة بمنتهى‬
  ‫«المنعزلون»‪ ،‬والمعروف عن الفريسيين أنهم‬        ‫الجدية؛ كانوا يقومون بنسخ وإعادة نسخ‬
    ‫أضيق الفئات الدينية اليهودية من ناحية‬
     ‫التعليم (أعمال ‪ .)5:26‬وقد عرفوا بهذا‬      ‫الكتاب المقدس بكل دقة‪ ،‬لهذا‪ ،‬يمكن أن نعزو‬
‫الاسم الخاص في عهد يوحنا هركانوس‪ ،‬أحد‬          ‫الفضل إلى الكتبة اليهود في الحفاظ على أجزاء‬
   ‫عظماء أشراف اليهود في القرن الثاني قبل‬      ‫العهد القديم من الكتاب المقدس‪ .‬صار اليهود‬
‫الميلاد‪ .‬وكان هركانوس من تلامذتهم‪ ،‬ولكنه‬
     ‫تركهم فيما بعد والتحق‬                         ‫ُيع َر ُفون بأنهم «أهل الكتاب» بسبب أمانة‬
   ‫بالصدوقيين‪ .‬ولا شك أن‬                          ‫دراستهم للكلمة المقدسة‪ ،‬خاصة الشريعة‬
  ‫الفريسيين في أول عهدهم‬                        ‫وطريقة تطبيقها‪ .‬كان الكتبة معلمي الشعب‬
 ‫كانوا من أنبل الناس ُخل ًقا‬
 ‫وأتقاهم تدينًا‪ ،‬غير أنه على‬
   ‫مر الزمن‪ ،‬خجل حزبهم‬
  ‫ممن كانت أخلاقهم دون‬
‫ذلك‪ ،‬إلى أن فسد جهازهم‬
‫واشتهر معظمهم بالرياء‪،‬‬
‫لدرجة أن يوحنا المعمدان‬
 ‫دعاهم «أولاد الأفاعي»‪،‬‬
‫كما وبخهم السيد المسيح‬
  ‫بشدة من أجل ريائهم‬
‫وادعائهم القداسة والبر‬
    ‫واهتمامهم بقشور‬
  ‫الدين دون الجوهر‪،‬‬
  ‫«فإني أقول لكم إنكم‬

                                               ‫المخطوطة السينائ ّية واحدة من أقدم نسخ‬
                                                 ‫الكتاب المق ّدس مكتوبة باللغة اليونانية‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16