Page 11 - nnn
P. 11
إبداع ومبدعون 9
رؤى نقدية
الأدبية ،فلا يعني ذلك غمض
الشعر حقه في الوجود
ولا المصادرة على تطوره
وفرادته .ولعل ناق ًدا
موضوعيًّا ،متأم ًل في
تاريخ الآداب وتحولات
الأنواع يلحظ ذلك الصراع
الذي شهدته منظومة
الشعر والنثر قدي ًما من
جدل وتبادل للمواقع
بين الشاعر والخطيب،
والكاتب والشاعر في
دورات متعاقبة حتمتها
ظروف تاريخية وثقافية
بل ووسائطية في الأساس
هايدن وايت جوهانس جوتنبرج بول ريكور بين الشفوي والكتابي.
ومن هنا فإن ما ينبغي
لأنواع السيرة الذاتية ،والتخييل الذاتي ،وكتابة الانتباه إليه هو حقيقة دورية التحولات الإجناسية،
اليوميات والمذكرات .وما من شك أن السرد يخترق
ما دام تاريخ كل نو ٍع يشهد على صعوده تار ًة ،أو
كافة الأنواع غير السردية ،فليس هناك من نوع هبوطه تارة أخرى ،على حساب غيره من الأنواع؛
نقي صا ٍف ،فالشعر المعاصر على سبيل التمثيل
توجه نحو الدرامية والمسرحية وتعدد الأصوات فقد يسود نوع ما في فترة تاريخية ويكون الأكثر
وظهرت قصيدة القناع والقرين والمرآة وقصيدة
أهمية من غيره ،أما ما يتصل بقيمته الأدبية،
الشخصية التراثية أو المعاصرة أو التخييلية.
لا أريد هنا توسيع النظرة لرؤية كيف كان فينبغي أن تضبط في مواجهة بعض الأشياء
لفتوحات النظرية السردية المعاصرة دور كبير في الأخرى ،فالقيم «تغير من مراتبها الهيراركية
النظر في السرديات التراثية ،ومشكلاتها النوعية،
وعلاقة السرد التراثي بالسرد المعاصر ،ولا أريد (=الهرمية) ،ومفهومنا عن القيمة الأدبية يتغير
كذلك التوسع في دور الوسائط الحديثة مثل الإذاعة
معها»(.)2
والسينما والتلفاز وشبكة المعلومات والوسائط
المتعددة في انتشار السرد وتشكله وإعادة تعريفه هذا يفضي بنا إلى القول :إن توسيع مجال النظرة
وتوسعة حدوده. على الأدب ليس من شأنه ترسيخ مبدأ هيمنة النوع
تأتي جدارة الإيماءة السابقة الذكر في كوننا نشهد
الروائي ،بل في ظني إنه لكاشف عن أرخبيل واسع
مرحلة تسافر فيها الآداب إلى وسائط جديدة
دعمتها تكنولوجيا الرقمنة والإلكترونيات والفضاء تحت تلك النظرة ،يكشف عن قارة متكاملة بل
الشبكي وعوالم الميديا .وهو تحول على درجة مملكة مترامية الأطراف لم نولها نظرة مدققة .ذلك
كبيرة من التشابك .فلقد أفرز التداخل بين الأدب
أننا لا نعيش عصر الرواية حص ًرا؛ بل نعيش عصر
والتكنولوجيا أسئلة متنوعة حول شكل الأدب «السرد» بكافة أشكاله وأنواعه ،أو بعبارة أخرى
إن الجنس السردي هو المملكة الأدبية التي نعيش
في كنفها ،وتجري علينا قوانينه الجمالية وظواهره
الإبداعية والجمالية .فالمشهد الأدبي لا يمكن
تصوره دون الصعود الواضح للقصة القصيرة
ومزاحمتها للنوع الروائي بل انفجار ما يسمى الآن
بالقصة القصيرة ج ًّدا (ق.ق.ج) ،والحمى الإبداعية