Page 305 - merit 48
P. 305

‫‪303‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫مفعمة بدلالات‪ ،‬تحتاج إلى المزيد‬                                                                                         ‫ِلَت ُت َعلِا ِق ِ ْلي‪َ ..‬علََفيَق َلْهاِب َي ُسأُ َهْرا َدُجاوللََّحَياٌة ِل‬  ‫هو البكاء على ماض و َّل‪ ،‬بمشاعر‬
    ‫من الغواصين في بحرها‪ ،‬وما‬                                                                                            ‫َف َي ْغ ُفو َع َل َو َت ٍر ِبال ُّضلُو ِع‪،‬‬                                         ‫ندم تملأ الوجدان‪ .‬فهنا يكون‬

‫المنهج السيميائي إلا سبيل كاشف‬                                                                                                      ‫ََفم َنَتاْن َهَسا ِتى َنا‪َ،‬ج ِمي ًعا‬                                  ‫الصقيع علامة سيميائية فارقة‪،‬‬
   ‫عما حوته جماليات النصوص‪،‬‬                                                                                            ‫َو ُن َر ِّت ُق ِش َّق ال ِغ َيا ِب ِبآَ َها ِت َنا‬                               ‫لأنه يعني صقيع النفس وتجمدها‪،‬‬
      ‫وتأويلات الألفاظ‪ ،‬ودلالات‬
   ‫التعبيرات‪ ،‬والتي لا بد أن ُتق َرأ‬                                                                                                ‫ُن َج ِّد ُل ِبال ِّش ْع ِر‬                                            ‫على حد قول الشاعرة «يجت ُّر ما‬
     ‫ضمن الدلالة الكلية للديوان‪،‬‬                                                                                                      ‫َو ْج َد ال َغ َرا ِم‬                                                 ‫زرع الصقيع بروحه»‪ ،‬فالمقولة‬
   ‫وساعتها سندرك أن العلامات‬                                                                                                                                                                                 ‫تحوي استعارة مكنية‪ ،‬جعلت‬
       ‫المتكررة‪ ،‬والمبثوثة في المتن‬                                                                                              ‫َو َز ْه َو ال ُّر ُجو ْع(‪)11‬‬                                              ‫الصقيع زر ًعا‪ ،‬ينبت في الروح‪،‬‬
                                                                                                                         ‫ففي المقطع السابق‪ ،‬تتعانق‬                                                           ‫ويح ِّولها إلى ثلوج‪ ،‬وليت هذه‬
‫الشعري‪ ،‬يمكن فض مغاليقها بكل‬                                                                                           ‫الدهشة مع المفارقة‪ ،‬وكلتاهما‬                                                      ‫الثلوج تسيل بالماء‪ ،‬بل هي تتجمد‬
 ‫يسر‪ ،‬لأنها مؤسسة على مرجعية‬                                                                                         ‫يتأسسان على علامات تتكرر في‬
  ‫نفسية وفكرية وجمالية واحدة‪.‬‬                                                                                         ‫الديوان‪ ،‬وهي‪ :‬القلب‪ ،‬والغياب‪،‬‬                                                          ‫وتمنع ماءها أن يروي عطش‬
                                                                                                                   ‫والرجوع‪ ،‬فالقلب يصبح أرجوحة‪،‬‬                                                             ‫الذات‪ ،‬وهو ما تؤكده الشاعرة‬
       ‫وختا ًما نردد مع الشاعرة‪،‬‬                                                                                   ‫تغفو الذات الشاعرة عليها وتنسى‬                                                         ‫بقولها «ظمآن يستجدي السفوح‬
   ‫مناجاتها لذاتها‪ ،‬بروح صادقة‪:‬‬                                                                                    ‫أرق الليالي‪ ،‬وتنسى أي ًضا متاهات‬                                                           ‫ديومها»‪ ،‬فالديوم هي الغيوم‬
                                                                                                                         ‫الاغتراب‪ /‬الغياب‪ ،‬ويصبح‬                                                             ‫المطيرة‪ ،‬ولكنها حبست ماءها‬
                       ‫َت َعا ِ ْل‪..‬‬                                                                                ‫الرجوع ‪-‬الذي كان يو ًما صقي ًعا‪،‬‬                                                       ‫في السماء‪ ،‬وبخلت به على الذات‬
                 ‫َك َما أَ ْن ِت‪ ..‬أَ ْن ِت‬                                                                            ‫ومل ًحا‪ -‬زه ًوا وفخ ًرا‪ ،‬ويج ِّدل‬                                                   ‫الشاعرة‪ ،‬التي تحمل في أعماقها‬
     ‫ِبََوو ُكُُكك ِّلِِّّللاِااِِ ْ ْحْحشِت ِتِت َم ََربااا ٍلهٍق‪َ ،.،‬و َو ُك ُك ِّل ِّلاِاِ ْشْشِت ِتياَها ٍقٍء‬   ‫الشعر كل هذا بضفائر قصائده‪.‬‬
‫إنها دعوة لأن تظل الذات مشتعلة‪،‬‬                                                                                                                                                                               ‫صقي ًعا وثلو ًجا‪ ،‬وفي حلوقها‬
 ‫على كل ُيح َتمل وجوده في الكون‪،‬‬                                                                                            ‫***‬                                                                          ‫حرار ًة وعط ًشا‪ ،‬وترجو من الديوم‬
 ‫والحياة‪ ،‬وفي علاقاتها مع البشر‪،‬‬
       ‫التي فيها عراك‪ ،‬واحتراق‪،‬‬                                                                                        ‫تظل شاعرية فواغي القاسمي‬                                                             ‫ما ًء ومط ًرا‪ ،‬فيا لها من مفارقة‬
                                                                                                                                                                                                                 ‫بديعة‪ ،‬تغرقنا في حبائلها‪.‬‬
                       ‫واشتهاء‬
                                                                                                                                                                                                              ‫إننا أمام ذات شاعرة‪ ،‬تتغني‬
                                                                                                                                                                                                         ‫بشعريتها‪ ،‬وتحيا من خلالها‪ ،‬فها‬

                                                                                                                                                                                                                              ‫هي تقول‪:‬‬

                                                                                                                                                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

                ‫‪ -1‬حينما أنا في الغياب‪ ،‬فواغي القاسمي‪ ،‬مؤسسة شمس للنشر والإعلام‪ ،‬القاهرة‪.2022 ،‬‬
 ‫‪ -2‬حينما أنا في الغياب‪ ،‬فواغي القاسمي‪ ،‬مؤسسة شمس للنشر والإعلام‪ ،‬القاهرة‪ ،2022 ،‬ص‪.108 ،107‬‬

    ‫‪ -3‬دروس في السيميائيات‪ ،‬مبارك حنون‪ ،‬دار تريفال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪ ،1987 ،1‬ص‪.45‬‬
‫‪ -4‬مبادئ في علم الدلالة‪ ،‬رولان بارت‪ ،‬ترجمة محمد البكري‪ ،‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬اللاذقية‪ ،‬سورية‪،‬‬

                                                                                ‫ط‪ ،1987 ،2‬ص‪.160‬‬
‫‪ -5‬العنوان والاستهلال في مواقف النفري‪ ،‬عامر جميل الراشدي‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزيع‪ ،‬ع َّمان‪ ،‬الأردن‪،‬‬

                                                                                      ‫‪ ،2012‬ص‪.31‬‬
                                                                                 ‫‪ -6‬الديوان‪ ،‬ص‪.33‬‬
                                                                         ‫‪ -7‬الديوان‪ ،‬ص‪ ،45‬ص‪.48‬‬
‫‪ -8‬السيميائيات‪ :‬مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬سعيد بن كراد‪ ،‬دار الحوار للنشر‪ ،‬اللاذقية‪ ،‬سورية‪ ،2012 ،‬ص‪،88‬‬

                                                                                                ‫‪.89‬‬
                                                                                ‫‪ -9‬الديوان‪ ،‬ص‪.118‬‬
                                                                               ‫‪ -10‬الديوان‪ ،‬ص‪.121‬‬
                                                                               ‫‪ -11‬الديوان‪ ،‬ص‪.110‬‬
   300   301   302   303   304   305   306