Page 300 - merit 48
P. 300
العـدد 48 298
ديسمبر ٢٠٢2 قبل سفري إلى الخارج ،هو
إنسانية الطبيب» ( .)217ويتذكر
والقيم العليا ،ويلعب دو ًرا المتعددة على مدى سنوات وفاق الدكتور بكل جلاء أنه حين كان
حاس ًما في صقل الإرادة .ويتفق عددها الثلاثمائة مقالة ما بين
عكاشة مع أرسطو ،أبو الفلسفة تقنية متخصصة ،أو مجرد طبيب امتياز بقسم الجراحة،
كان كثي ًرا ما ُيطلب إليه حضور
اليونانية ،في تعريفه للسعادة إرشادات نفسية للرجل العادي، عمليات جراحية بالغدة الدرقية
على أنها الالتزام بالفضيلة التي بل والتلميذ ،لمواجهة الضغوط أو المرارة أو البواسير ،إلخ ،فكان
تمثل الوسطية والرحمة والعدل، النفسية وتحديات الامتحانات
وهي جمي ًعا صفات طالما بشرت وكيفية الاستذكار ،إلخ. يفاجئ أساتذته بالسؤال عن
بها الأديان ،والإسلام على وجه اسم المريض ،مما كان يعرضه
خاص ،لو تمسكنا بها لتغلبنا على ولعل أغلب مقالات عكاشة للقارئ لسخرية كبار الأساتذة من نوعية
الكثير من إشكالياتنا الاقتصادية المصري على وجه التحديد، السؤال ذاته ،وسرعان ما أدرك
والاجتماعية ،التي تؤثر بشكل حقيقة أن معظم الأطباء كانوا ولا
تتركز على كيفية العمل على بناء يزالون يتعاملون مع مرضاهم
مباشر على صحة الإنسان الإنسان .يعتبر الدكتور عكاشة على أنهم أعضاء« :فطبيب القلب لا
النفسية ،والارتقاء بالإنسان أن المولى عز وجل قد ميَّز بين يهمه إلا القلب ،وطبيب الأمعاء لا
المصري يعتمد على خلق مناخ الإنسان والحيوان بالمخ الجبهي/ يهمه إلا الأمعاء ..وهكذا» (.)218
وبيئة أخلاقية راسخة متمثلة الأمامي (الفص الجبهي) ،وهو أدرك عكاشة أن الحالة الوحيدة
بمثابة مركز الضمير والأخلاق
التي تنظر للإنسان ككل هي
إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين الطب النفسي ،الذي آمن عكاشة
بأهميته ،ورأى لنفسه دو ًرا
مرمو ًقا في إطلاق ثورة في العالم
تعيد للطب إنسانيته ،وتأيي ًدا
لمقولة أبو قراط الخالدة ،بأنه
في الطب لا يوجد شفاء ،أي
أن الشفاء نادر الحدوث ،أما
تخفيف الآلام أحيا ًنا ،والمواساة
غالبًا ،فتظل مهمة الطبيب الأولى،
وتسمو إنسانيًّا بتلك المهنة
المقدسة .وقد استبدل عكاشة عام
1964تعبير الطب النفسي بد ًل
من الأمراض العقلية والنفسية،
وإزالة وصمة «المريض» كخطوة
أولى وأساسية قبل البدء في العمل
على شفائه.
ويحاول الدكتور خالد منتصر
من خلال هذه المجموعة المنتقاه
من مقالات وحوارات مختلفة
إلقاء الضوء على اهتمامات خبير
عالمي ،مهموم بوطنه وإشكالاته