Page 298 - merit 48
P. 298
وبد ًل من أن نرى في المريض العـدد 48 296
النفسي إنسا ًنا يعاني ،ويعبر
بتصرفاته غير المسئولة عن ديسمبر ٢٠٢2 وفكرية ،قد تمثل أهم وأسهل
حاجته إلى العون والمساعدة الطرق للتحاور مع الغرب
البناءة اجتماعيًّا وانسانيًّا ،جعلنا منظمات الصحة العالمية ،بل
منه موضو ًعا للتندر والتفكه .فمن وترأس جمعياتها للطب النفسي والاستفادة من تجربته الثرية،
منا ينسى إسماعيل ياسين في لخمس سنوات متتالية عن طريق حيث يمثل بإنجازاته العلمية
مستشفى المجانين ،والعشرات من الانتخاب الحر ،فإن ما أدخله من والتكنولوجية أعظم ما كانت
الأفلام والتمثيليات والمسرحيات تعديلات وإعادة صياغة لمفاهيم
الساخرة التي لا ترى في المريض تصبو إليه الإنسانية طوال قرون
النفسي إلا بط ًل كوميد ًّيا أو الأمراض النفسية والعقلية في من الجهل والخرافة والمرض،
العالم العربي ،يمثل فكر ًّيا وعلميًّا
موضو ًعا للسخرية. من ناحية ،إلى المدارس التقليدية،
بل ولا نبالغ إن قلنا إن الإعلام لم الانتقال من عهود إظلامية التي رأت في الغرب ممث ًل
يعف حتى عن طبيب الأعصاب أو كانت تخلط شعبيًّا واجتماعيًّا
المعالج النفسي ذاته ،من سخرية -بل وإلى درجة كبيرة علميًّا- لقوى الاستعمار الذي استهدف
ما بين الاضطرابات النفسية الشرق منذ الحروب الصليبية،
لاذعة ،كما لو أنه قد أصابته والأمراض العقلية على أنها مس طام ًعا لاستغلاله ،والتحكم في
العدوى من مرضاه «الشواذ». من الشيطان ،أو لعنة قد تصيب
فتراه ضعيف الذاكرة أحيا ًنا، الفرد أو العائلة ،عقا ًبا على جرم مقادير شعوبه دون حق أو
ومتذبذ ًبا في قراراته ،وغير قادر اقترفته ،فاستحقت نبذ المجتمع وازع أخلاقي أو ديني ،مما جعل
أو قابل للحسم في أغلب الأحيان، وتهميشه لها ،والنظر إلى ضحية ويجعل من الغرب عد ًّوا تاريخيًّا،
ويصدق فيه قول القائلين« ،باب المرض النفسي أو العقلي على
النجار مخلع» ،حيث إن أغلب بل وأزليًّا للشرق في محاولة
الأطباء النفسيين ،في تصوير أنه مجرم يجب الحماية من اللحاق بالعصر ،متطلبًا تحدى
الإعلام لهم ،بحاجة إلى علاج أفعاله وأفكاره ،التي تهدد الفرد هيمنة الغرب سياسيًّا واقتصاد ًّيا
والمجتمع ،وذلك بإيداعه مراكز
نفسي إن كانوا يعلمون. أشبه بالسجون منها إلى مصحات واجتماعيًّا.
كانت كلية الطب تحتل مكانة الاستشفاء والعلاج .وساهمت لا شك أن كتاب د.أحمد عكاشة()1
متميزة بين معاهد الدراسات الأجهزة الدعائية والإعلامية ،بكل
أسف ،في نشر وإذاعة ذلك المفهوم «قراءة للعقل المصري» (دار
الجامعية المختلفة ،إذ كانت الكرمة ،)2022 ،وهو عبارة
لعقود -وما زالت -تحتل المركز الإجرامي بالإذاعة والسينما عن مجموعة منتقاة من مقالات
الأول بين كليات القمة ،ولا تتاح والتلفزيون. وحوارات على مدى ثلاثة عقود،
الدراسة بها إلا لأوائل الخريجين،
ومن اختيار الدكتور خالد
والنسبة الضئيلة ممن تتجاوز منتصر ،يمثل إضافة فكرية هامة
مجموع درجاتهم بالثانوية العامة
من وجهة نظر قد غابت تما ًما
التسعون بالمائة .إلا أن تلك عن الحوار التقليدي ،بل وتمثل
الظاهرة -بكل أسف -لا ترى في نقلة منهجية وعلمية لمحاولة فهم
مكونات ودافع وإحباطات العقل
دراسة الطب وسيلة ناجعة في المصري المعاصر في القرن الحادي
مساعدة المرضى على الاستشفاء
والتخلص من آلامهم العضوية، والعشرين.
ولا ترى في لقب الدكتور سوى والدكتور أحمد عكاشة أستاذ
الطب النفسي بكلية طب عين
شمس ،والمؤسس لمركز ومجمع
الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة
للطب النفسي ،أهم صرح للطب
النفسي المصري ،وكان بالفعل
قد حاز تقدير واحترام أهم