Page 294 - merit 48
P. 294

‫معلوماتهم البنكية‪ ،‬وخاصة‬                               ‫العـدد ‪48‬‬                           ‫‪292‬‬
               ‫الإلكترونية منها‪.‬‬
                                                                           ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬   ‫عشرة كحد أدنى لفتح حساب‪ ،‬إلا‬
  ‫ولا نشير هنا فقط إلى الإمكانيات‬                                                         ‫أننا نجد في الكثير من المجتمعات‬
        ‫الهائلة التي يتيحها العالم‬  ‫للمستخدم من خلال استخدام اسم‬                          ‫عدم التزام مخيف بهذا المبدأ‪ ،‬بل‬
                                     ‫مستعار وصورة بروفايل مبهمة‪،‬‬                          ‫ويتعلم الأطفال منذ الصغر كيفية‬
      ‫الافتراضي لأصحاب النوايا‬            ‫فإننا نتساءل عن الامكانيات‬
     ‫الإجرامية‪ ،‬وإنما يمتد السؤال‬      ‫التي ستصبح متاحة فيما يتعلق‬                          ‫التحايل على مثل هذه الشروط‬
    ‫المطروح على فقهاء القانون عن‬     ‫بهوية الصورة الرمزية التي تمثل‬                     ‫الخاصة لحمايتهم من خلال إدخال‬
 ‫طبيعة الجريمة «الافتراضية» التي‬     ‫المستخدم داخل العالم الافتراضي‪.‬‬
  ‫قد ترتكب في هذا العالم الموازي‪.‬‬         ‫كما أثار بعض النقاد مشكلة‬                         ‫بيانات غير صحيحة أو كاذبة‪.‬‬
      ‫فهل إن قامت صورة رمزية‬           ‫سرقة الهويات التي قد تنشأ في‬                     ‫وهذا في حد ذاته يعد مشكلة كبرى‪،‬‬
    ‫لشخص ما بسرقة بنك أو قتل‬          ‫العالم الافتراضي‪ ،‬فكم من المرات‬
 ‫عشيقة‪ ،‬تصبح هذه جريمة يعاقب‬             ‫سمعنا عن هاكر اقتحم إيميل‬                          ‫حيث لا توجد أي محاسبة لمثل‬
    ‫عليها القانون؟ وفي أي العالمين‬    ‫صديق‪ ،‬أو سرق حساب شخص‬                               ‫هذه المغالطة‪ ،‬والتي قد تتطور إلى‬
    ‫ينطبق هذا القانون؟ وهل يجب‬       ‫على الفيسبوك‪ ،‬أو دخل على موقع‬                        ‫حد انتحال الشخصية إذا ما بدل‬
‫توافر قانون موا ٍز يتناسب وطبيعة‬      ‫البنتاجون واقترف ما اقترفه من‬
  ‫هذه الحياة الموازية الافتراضية؟‬       ‫جرائم إلكترونية! لنا أن نتخيل‬                      ‫الطفل صورته الرمزية بصورة‬
 ‫أم أن ما يقع في العالم الافتراضي‬         ‫الآن كم الثغرات الأمنية التي‬                     ‫شخص أكبر عم ًرا‪ .‬وكما يحدث‬
 ‫يظل طي النوايا ولا يحاسب عليه‬          ‫قد تصبح متاحة في هذا العالم‬                         ‫الآن من إخفاء للهوية الحقيقية‬
     ‫طالما لا يوجد دليل مادي على‬         ‫الافتراضي‪ ،‬ونوعية الجرائم‬
  ‫وقوعه؟ أسئلة تتكاثر بقدر سعة‬        ‫الإلكترونية المبتكرة التي قد‬                                                            ‫مارك تسوكربرج‬

                   ‫خيال سائلها‪.‬‬     ‫يقدم عليها البعض! فلا شك‬
   ‫وقد تتعقد المسألة إذا ما تفكرنا‬    ‫أن مفاهيم الخصوصية‬
  ‫في جرائم اجتماعية مثل التحرش‬         ‫وخصوصية البيانات‬
‫الجنسي على سبيل المثال‪ .‬فيتساءل‬       ‫من الأمور المتعثرة في‬
‫البعض عن الفتوى القانونية إذا ما‬        ‫مجتمعاتنا العربية‪،‬‬
‫لامس شخص في العالم الافتراضي‬          ‫حيث إن من طبيعة‬
 ‫شخ ًصا آخر بشكل «عفوي» لكنه‬           ‫حياتنا الاجتماعية‬
   ‫تحرشي‪ ،‬أي أنه تلامس يندرج‬            ‫المشاركة العلنية‬
‫تحت التعدي الجسدي على شخص‬                ‫والمستمرة لكافة‬
  ‫آخر‪ ،‬لكنه وقع دون قصد بسبب‬         ‫أوجه حياتنا الخاصة‪،‬‬
   ‫ارتداء «المرتكب» لنظارة الواقع‬       ‫وقد أثر انفتاح فضاء‬
‫الافتراضي أو قبعته‪ ،‬بما منعه من‬
‫الرؤية الفعلية للآخر‪ .‬ونعود أي ًضا‬  ‫الإنترنت واستخداماته بالفعل‬
   ‫لجدل طويل ظل يطال تطبيقات‬            ‫على الكثير من السلوكيات‬
 ‫مثل الواتساب‪ ،‬عندما بدأ الأزواج‬
                                    ‫والمفاهيم التقليدية في المجتمع‪،‬‬
      ‫استخدامه بشكل تلقائي عند‬        ‫الاجتماعي منها والأكاديمي‬
  ‫إلقاء يمين الطلاق على زوجاتهم‪،‬‬
  ‫ليتساءل المتساءلون إن كان يعتد‬     ‫والبنكي‪ ،‬وغيرها من المجالات‪.‬‬
 ‫بمثل قناة الاتصال هذه‪ .‬فهل يقع‬           ‫فنجد مؤخ ًرا ‪-‬على سبيل‬
                                         ‫المثال‪ -‬محاولات جهيدة‬

                                       ‫لتوعية عملاء البنوك‬
                                     ‫على المحافظة على‬

                                      ‫سرية‬
   289   290   291   292   293   294   295   296   297   298   299