Page 295 - merit 48
P. 295

‫‪293‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تكنولوجيا‬

    ‫شدتها عند «العودة» إلى أرض‬                       ‫يورغن ستوك‬                ‫الطلاق أو حكم محكمة‪ ،‬مث ًل‪ ،‬الذي‬
                  ‫الواقع المعاش‪.‬‬                                                   ‫ينطق به في العالم الافتراضي‪،‬‬
                                         ‫الاضطرابات النفسية التي ارتبطت‬           ‫ويصبح ناف ًذا في العالم المادي؟‬
     ‫أما ثقافيًّا‪ ،‬فهل سيتيح الواقع‬       ‫ارتبا ًطا وثي ًقا بالاستخدام المفرط‬         ‫ولعل طمس الخط الفاصل‬
 ‫الافتراضي لنا الحفاظ على التنوع‬            ‫‪-‬وغير المسئول‪ -‬للتكنولوجيا‪،‬‬                ‫بين الواقع المادي والواقع‬
  ‫الثقافي واستدامته؟ أم أن برمجته‬                                                  ‫الافتراضي سوف يؤثر أي ًضا‬
                                         ‫وهي اضطرابات ذات مناحى عدة‪،‬‬              ‫في إدراك المستخدم‪ .‬فكما يتبلد‬
       ‫في جوهرها متشبعة بثقافة‬          ‫من مشكلات صورة الجسد‪ ،‬وحب‬                    ‫إحساس المشاهد الذي يتابع‬
   ‫متأمركة عولمية لا مناص منها؟‬
‫فلا شك أن الإنترنت وانتشاره من‬               ‫الظهور‪ ،‬اهتزاز الثقة بالنفس‪،‬‬        ‫أخبار الحروب أو مشاهد العنف‬
 ‫أهم أسلحة العولمة التي جعلت من‬           ‫وطلب الاهتمام‪ ،‬وغيرها‪ .‬ولنا أن‬            ‫في التلفزيون‪ ،‬فمن المتوقع أن‬
  ‫الكرة الأرضية على اتساعها قرية‬
 ‫كونية صغيرة‪ ،‬ولا شك أن الكثير‬              ‫نتصور أن مثل هذه المشكلات‪،‬‬           ‫يتبلد –أي ًضا‪ -‬إحساس المستخدم‬
‫من العادات والتقاليد المحلية وجدت‬       ‫والتي في أحيان كثيرة قد بلغت حد‬              ‫للواقع الافتراضي‪ .‬فالواقع‬
 ‫نفسها في طريقها إلى الاندثار أمام‬                                                    ‫الافتراضي يتيح ما يعرف‬
   ‫هجمة شرسة من كبار سلاسل‬                ‫الإدمان وعدم القدرة على التحكم‬
                                              ‫في الرغبة الملحة في استخدام‬        ‫بالتجربة الانغماسية أو الغامرة‬
     ‫الشركات والمنتجات والمطاعم‬                                                   ‫‪ ،immersive experience‬أي‬
  ‫التي غزت العالم‪ .‬وتحولت الكثير‬         ‫التكنولوجيا والانترنت‪ ،‬قد تتطور‬         ‫أن المستخدم يجد نفسه منغم ًسا‬
  ‫من السلوكيات المحلية المنتجة إلى‬            ‫أي ًضا في استخدام (أو إساءة‬       ‫بكل حواسه فيما يحدث في العالم‬
                                                                                   ‫الافتراضي‪ .‬لنتصور أنه يلعب‬
    ‫سلوكيات استهلاكية لما ينتجه‬          ‫استخدام) الواقع الافتراضي‪ .‬فمن‬         ‫لعبة فيديو عنيفة مث ًل‪ ،‬أو يشارك‬
   ‫الغرب‪ ،‬سواء فكر ًّيا أو لغو ًّيا أو‬  ‫التساؤلات التي تتوارد هنا‪ ،‬ونظ ًرا‬       ‫في جولة إخبارية في الاطلاع على‬
                                                                                ‫ما يحدث في جبهة القتال في مكان‬
               ‫فنيًّا أو اقتصاد ًّيا‪.‬‬     ‫للطبيعة الانغماسية للميتافيرس‪،‬‬         ‫ما من العالم‪ ،‬لنا هنا أن نتساءل‬
       ‫وهذا ينتقل بنا إلى إشكالية‬          ‫فهل سوف يكون لها أثر نفسي‬             ‫عن الأثر الذي ستتركه مثل هذه‬
   ‫أخرى‪ ،‬ألا وهي التمييز بأشكاله‬         ‫وعصبي وانفعالي مشابه لما يحدث‬         ‫التجارب في نفس المستخدم وعقله‬
   ‫المختلفة‪ .‬فهل يساعد هذا الواقع‬       ‫في حالة ألعاب الفيديو‪ ،‬حيث يصاب‬         ‫الباطن‪ .‬وما الذي سيحدث عندما‬
 ‫الافتراضي تجاوز هذه المعضلات‬               ‫مستخدموها بشكل من أشكال‬              ‫يعود ليستقر في العالم الواقعي‪.‬‬
 ‫التي طالما أرقت مسار البشرية‪ ،‬أم‬        ‫الإدمان لها؟ لا شك أن البعض قد‬          ‫هل ستصيبه الكوابيس وتطارده‬
  ‫أن أصحاب البشرة غير البيضاء‬               ‫حذر بالفعل من إمكانية إصابة‬         ‫في منامه أو يقظته؟ أم أن دفاعاته‬
 ‫سيضطرون إلى اللجوء إلى صورة‬            ‫مستخدم أجهزة الواقع الافتراضي‬          ‫النفسية سوف تجعله يتبلد بشكل‬
       ‫رمزية بيضاء لرأب الصدع‬
     ‫العرقي‪ ،‬أم أن النساء سيجدن‬              ‫بأعراض انسحابية تتباين في‬                            ‫غير إنساني؟‬
  ‫فرصة أكبر للمساواة في الفرص‬                                                    ‫ونتذكر هنا أن الصور الذاتية أو‬
‫والحقوق والواجبات مع الرجال‪ ،‬أم‬                                                ‫السيلفي ‪ selfie‬ظهرت واستفحلت‬
  ‫أن إمكانية إخفاء الهوية الجنسية‬
 ‫أو العرقية أو الدينية سيمهد لعالم‬                                                  ‫مع انتشار الهواتف المحمولة‬
                                                                                      ‫الذكية ذات الكاميرا‪ ،‬والتي‬
                   ‫أكثر حيادية؟‬
 ‫أما اقتصاد ًّيا وماليًّا‪ ،‬فنجد أن من‬                                             ‫تتيح أي ًضا الدخول الفوري على‬
   ‫أهم استخدامات الإنترنت اليوم‪،‬‬                                                ‫صفحات التواصل الاجتماعي‪ ،‬إلا‬
                                                                                 ‫أن هذا النوع من أنواع التصوير‬
      ‫ومن ثم من أهم استخدامات‬
      ‫الواقع الافتراضي لاح ًقا‪ ،‬هو‬                                                  ‫الشخصي سرعان ما تطور‪،‬‬
‫التسوق والتجارة‪ .‬فخلال السنوات‬                                                       ‫وأدرجه علماء النفس ضمن‬
   290   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300