Page 290 - merit 48
P. 290
العـدد 48 288
ديسمبر ٢٠٢2 أهل اشتقاق ،وابتكار ،ووسم لك ِّل
ما قالوه ،وما ماشوه ،وما عرفوه.
كان هو من يمثل وجه بغداد وكلما قل ُت :الكتب وأهلها ،قلت الثلاثة ،هم :حميد سعيد ،وسامي
المشرق بالجمال والمحبة ،وحين لي :اصعد أدراج بغداد والبصرة،
جلسنا ،سألني :منذ متى تعرف مهدي ،وخالد علي مصطفى.
فؤاد التكرلي ،وقد رآني أحادثه والكوفة ،والموصل ،كي ترى
وأسارره ،قلت :تعرفت إليه في الشعر الذي ُكتِ َبت به الحياة ،فهنا -٢-
المكرمات ،والحادثات ،والتواريخ
تونس ،وحين جاء إلى دمشق التي صارت قصائد ،وهنا الحكمة يا إلهي،
ضي ًفا ،تعالقنا في محبة الإبداع
والثقافة ،قال السامرائي :أنت التي أناخت بسطورها الحبر أكلما قلت :النبل ،د َّورت وجهي
المضيء ،وهنا العلوم ،والمعارف، نحو العراق ،ورصفت خطاي في
الآن ،تعرف نصف مبدعي
العراق ،وبقي عليك أن تعرف والفلسفة ،والعقيدة ،هنا الكتب الدروب الصعيبات ال َّصاعدات
النصف الآخر ،قلت :أنا أعرف التي أخرجت للعالم الضوء الذي إليه،
الكثير من الشعراء ،والنقاد ،وأهل صار نهارات ومرايا وقلائد من
السرد ،والفنون بحكم وجودنا وكلما قلت :التاريخ ،سقتني نحو
م ًعا في المؤتمرات والملتقيات. نور.
قال :أتعرف حميد سعيد ،قلت: إلهي ،كلما قلت ُ:الرجال ،قلت لي: العراق ،سوق الرجاء لطلابه،
قرأت له ودمرني بعلو ن ِّصه،
قال :وسامي مهدي ،قلت :هو دونك العراق! والماء إلى سواقيه ،إلى أشجار
شقيقه في التدمير ،فقد قرأت له
قصائد وترجمات ،وقد أرسلني -٣- رمانه.
في غيبوبة من السحر والرضا، وكلما قل ُت :الأساطي ُر ،دفع َت إل َّي
قال :وخالد علي مصطفى ،قلت: بلى ،دونك العراق. كتاب جلجامش وتموز ،فانهمرت
هو ابن بلدي ،أدهشني شعره، عليَّ المعاني ،انهمار المطر العزيز.
ونقده ،وحضوره الأكاديمي، فقد قيضت لي المحبة أن أزوره
لكني لم أعرفه ،قال :هؤلاء الثلاثة
هم النصف الآخر الذي عليك أن قبل الغمة بشهور ،كان ذلك في بي ُانلطحعووأ ُمع،اليط َّونحخيَتل وكلما قلت:
تعرفه كيما تعرف الإبداع العراقي مثل الطيور
عام ،٢٠٠٢في شهر تشرين
في ذراه!
الثاني ،حين دعيت مع رفاق العراق لأصير بها غيو ًما تم ُّر
-٤- بالقمر مثل الحنين.
لي للمشاركة في ندوة كبيرة،
في المساء الأول لي في بغداد ،وفي
فندق منصور ميلا ،كنا في هرج، موضوعها :أسئلة الرواية العربية وكلما قلت :الأنهار ،فتَّحت عين َّي
على ما فعلته يدا دجلة والفرات،
وصخب ،وأسئلة ،وضحك ،ثم الحديثة ،فاجتمع حولها ،ولأجلها،
غرقنا في صمت مطبق ..واح ًدا
خلق مه ُّمون في إبداعاتهم، وما استنبتتاه من بساتين،
واح ًدا ،حين أط َّل وجه حميد وحضورهم ،وقولاتهم ،كما
سعيد ،كنت أعرفه من خلال وغابات ،وأهوار ،وقرى ،ودروب،
صوره ،كانت ابتسامته البيضاء
تتقدمه وبرشاقة تحاكي رشاقة اجتمع حولها ولأجلها مبدعو ومدارس.
جسده ،وراح يسلِّم علينا، العراق ،ومن جميع جهاته وكلما قل ُت :اللغة ،رميتني ،مثلما
وير ِّحب ،ويتف َّرس في وجوهنا
العزيزة ،وبجميع أجيال الكتابة ترمي يداك الثلج ،في مدائن
والإبداع ،وقد كنت ،ورفاقي، سومر ،وأكاد ،وآشور ،لأرى
ط َّي فرح لم أعرف أبعاده نموج عجائب الحروف ،وعجائب
ولكن حين وصلنا إلى بغداد كلَّها،
الجمال.
رأينا الفرح عيا ًنا في الوجوه وكلما قل ُت :الفن ،هديتني
البشوشة ،والكلام ال َّرحب، إلى العمارات ،وقرى الأنهار،
والرضا العميم ،والمحبة ال َّصافية.
وزقورات الطين ،والفواخير
كان الناقد العراقي الكبير ماجد
المدهشات التي تحيط بدجلة
السامرائي هو من يشرف على والفرات إحاطة أسيجة التوت
أعمال الندوة وشؤونها ،لذلك بالبيوت.