Page 302 - merit 48
P. 302
العـدد 48 300
ديسمبر ٢٠٢2
سيمياء الدهشة
والمفارقة في ديوان
د.مصطفى
عطية جمعة «حينما أنا في الغياب»
للشاعرة فواغي
القاسمي
وتلك هي رسالة الشاعرة الحقة، شعري عا ٍل ،وعق ٍل سا ٍم ،وفك ٍر التجربة الشعرية تنهض
تتأسس على الجمال والحب، و َّهاج. للشاعرة فواغي
القاسمي في ديوان
تسمو بهما فوق الرحيل والفقد، وتكفينا دعوتها التي صاغتها «حينما أنا في الغياب»()1
ويجعل نبض قلوبنا ليس بالكلمات بخطاب أنثوي ،ولكنها في الحقيقة لتكون دالة على شاعرية
تقصد كل الإنسانية ،عندما تشدو سامقة ،تقرأ الوجود
وحدها ،وإنما بالكون والكائنات. الإنساني في أحواله
هذا ،وتأتي قراءتنا لهذه الديوان قائلة: المتعددة؛ قراء َة استشفاف وحنكة،
في منظور المنهج السيميائي (علم َت َعا ِ ْل ِل ُن ْص ِغي إِ َل َن ْب ِض َنا وتعبِّر عنه بصفاء وحكمة،
العلامات) ،في تقاطعاته الجمالية ََنتَو َِْععمالْ ِِ َصْحلُ.را.ل ِفُنَ َصرَغا ْما ِقزَتُ .لال َب َّر ْحِح َريا ِلل َق ِصي َد ِة وتصوغ همومه ببلاغة ور َّقة،
تنظر إلى المستقبل بتفاؤل ،بقدر
والدلالية والثقافية ،فالعلامة َت َعا ِ ْل ُه َنا.. نظرها إلى الماضي بتعلُّم ،وتطلعها
أو السيمياء في مفهومها العام َتَو ََفعاْي ِ ْلِض ِباَِب ْْعش ِت ِ َعضا اِل ْ(رِ2ت) َعا ٍش إلى الحاضر بتأمل ،غير منخدعة
إنها دعوة إلى أن ننظر إلى الوجود بمظاهر قد تكون ب َّراقة خادعة،
هي :عبارة عن شيء ،يمثل بمنظور الشعر ،ذلك المنظور المثالي، ولذا تغوص فيما وراء السطح،
شيئًا ،بالنسبة لشخص ما ،أو الذي يرنو إلى سائر المكونات حيث تتأمل الجوهر ،وما أعظم
إمكانية ما( ،)3فهي تشمل مختلف والكائنات بح ٍب ،ليصوغها إبدا ًعا جوهر الإنسانية ،والتي تبدو
الإشارات الحركية واللسانية في بحر القصيدة ،وتصبح ذواتنا في أوقات المحنة والأزمة ،حينما
والبصرية ،التي تشيع في حياتنا، معايشة للكائنات ،ونقهر بها يجلوها الألم ،فتسفر عن قيم
وتكون براعة الشاعر في استخدامه صمت الرحيل ،ونجعله اشتعا ًل سامية ،استطاعت الشاعرة فواغي
بعض هذه الإشارات وتوظيفها في واشتيا ًقا ،ونذيب ملح الفراق. القاسمي التعبير عنها ،بتم ُّكن
قصائده ،غير مقتصر على الكلمات
فقط ،فيمكنه توظيف اللون ،أو
الحركة ،جنبًا إلى جنب مع الكلمة.
وهنا نؤكد على أن العلامة/