Page 7 - merit 48
P. 7
افتتاحية 5
نفسها كما سأبين بعد. يبدو أوريد مرتعبًا من التطور العلمي
من ناحية مضادة ،يعتقد أوريد ،والمفكرون المتلاحق منذ بدايات القرن السابع عشر
الذين استعان بهم ،أن الذي يحكم الحضارة الميلادي ،والذي انبنى على “العقل” أسا ًسا،
الغربية هو حربها مع ما أسماه «الحضارة حينما سار في خ ٍّط مستقيم نحو التحرر
من سلطة الميتافيزيقا ،ومن وهم الأساطير.
الإسلامية» ،وهنا لب رسالة الكتاب ولب يتصور أوريد أن هذا “العلم المفرط” جاء
مشكلته م ًعا ،لأنه يرى أن محاولات الغرب على حساب إنسانية الإنسان ،الذي يحتاج
لإضعاف الدول الإسلامية ينطلق من –في ظنه -إلى بعض الوهم الذي يميزه
صراعها مع العقيدة الإسلامية في الأساس، عن الحيوان من جهة ،باعتبار أن الإنسان
ولا أعرف من أين أتى بهذا الصراع في حين والحيوان يشتركان إلى حد كبير في البنيان
أنه ليس ثمة تقارب بين الجانبين يضعهما الجسدي ووظائف الأعضاء ،ويميزه عن الآلة
في حالة «صراع» ،فالصراع يحتاج قوتين Machineمن جهة ثانية ،باعتبار أن العقل
متكافئتين ،أو متقاربتي القوة على الأقل ،في العلمي الخالص ليس سوى ذاكرة تختزن
كل المجالات ،ثم إنه يغفل أن الغرب ضرب المعلومات وتفرغها دون إحساس ،وهو ما
العراق وأفغانستان بالفعل ،وهما دولتان يتسق مع وجهة نظره!
مسلمتان ،ولكنه تدخل في تشيكوسلوفاكيا يتناول حسن أوريد في كتابه موضوع «أفول
السابقة لصالح البوسنيين المسلمين ،وساند
المسلمين في بورما ،مما يتضح معه بجلاء الغرب» من وجهة نظر دينية منذ البداية،
أن التدخل الغربي لا ينبني على أساس ديني، فهو يعتقد أن الحضارة الغربية قامت على
بل على أساس المصلحة البراجماتية وبوصلة
قاعدة التدين المسيحي ،هذا التدين الذي
احتياجاته. حفظ لها بعدها الإنساني في البداية ،حيث
في الفصل الأول من الكتاب بعنوان «باسم يقف وازع التدين والخوف من الإله أمام
الاقتصاد» يرصد الكاتب «جناية» الليبرالية تغول الإنسان واستئساده ،أو استئذابه إذا
اعتمدنا منهج أفلام آكلي لحوم البشر! لكن
الجديدة على الدول النامية من خلال هذه الحضارة توحشت حين تخلَّت عن الدين
مؤسساتها الاقتصادية ،وعلى رأسها صندوق شيئًا فشيئًا واعتبرته نو ًعا من تعطيل العقل
والانجرار وراء الغيبيات والأساطير ..بدأ
النقد الدولي ،فيرى –كما يرى ساسة هذه هذا مع الماركسية التي اعتبرت الدين أفيون
الدول -أنه يضع شرو ًطا قاسية لمنحها
قرو ًضا تساعدها على تحسين اقتصادها الشعوب ،الماركسية التي
ورفع الحالة الاجتماعية اعتبرها أوريد ،استنا ًدا إلى
لمواطنيها بتوفير فرص
بعض المفكرين الغربيين،
عمل لهم ،أهم هذه الشروط المسيحية المقلوبة ،أي
رفع الدعم عن المحروقات أنها مسيحية بصورة
وعن السلع الأساسية، من الصور ،لذلك كان
سقوطها في ،1989
وعن العملات المحلية لتكون وسقوط جدار برلين
قيمتها مساوية لقيمة إعلا ًنا عن «توحش»
تداولها في التجارة العالمية الرأسمالية وتغولها الذي
أمام العملات الأجنبية، ظهر في الاقتصاد والعلم
ترى أنظمة هذه الدول أن والفكر والديمقراطية
تلك الشروط تضغط أكثر
على محدودي الدخل ،وكأن