Page 8 - merit 48
P. 8

‫العـدد ‪48‬‬                                     ‫‪6‬‬

                                                 ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

 ‫ضمانات أغرقت السوق الأمريكي نفسه عام‬                       ‫الصندوق يستهدف إفقار الفقراء!‬
  ‫‪ ،2008‬وأدت إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى‬          ‫أوريد‪ ،‬والذين معه‪ ،‬وحكومات الدول الفقيرة‪،‬‬
‫معدلات عالية غير مسبوقة‪ ،‬كان من نتيجتها‬
                                                      ‫لا يقولون الحقيقة لعدة أسباب‪ ،‬منها أن‬
     ‫كساد سوق العقارات‪ ،‬واستيلاء البنوك‬                 ‫الصندوق إنما يشترط هذه الإجراءات‬
  ‫على أعداد هائلة من البيوت التي لم يستطع‬
   ‫مالكوها دفع أقساطها‪ ،‬مما أدى إلى زيادة‬            ‫الاقتصادية لكي يضمن توفر القدرة على‬
   ‫عرضها بشكل كبير وانخفاض أسعارها‪..‬‬             ‫سداد القروض لإعادة تدويرها بإقراض نفس‬
‫هذه الأزمة لم تتوقف عند البيوت –التي تمثل‬
  ‫راف ًدا مه ًّما لـ»الحلم الأمريكي»‪ -‬بل امتدت‬       ‫الدولة أو دول أخرى‪ ،‬ولأن الصندوق لا‬
                                                  ‫يجبر هذه الدول على الاقتراض ولا يطاردها‬
     ‫إلى سلعة أخرى مهمة في الحياة اليومية‬         ‫لتأتي له وإنما هي التي تسعى إليه بإرادتها‪،‬‬
    ‫للأمريكيين وهي السيارات‪ ،‬فحدث معها‬             ‫ويمكنها ألا تسعى –ببساطة‪ -‬إذا لم تعجبها‬
   ‫نفس الأمر‪ ،‬بل إن «فساد» الرأسمالية –في‬
    ‫رأي أوريد‪ -‬يتمثل في تأثيرها على العالم‪،‬‬            ‫الشروط! ولأنه يتصور أن الغرض من‬
     ‫حيث عانت أسواق العقارات والسيارات‬           ‫الحصول على القروض هو تحسين الاقتصاد‪،‬‬
   ‫في إنجلترا وفرنسا في نفس الوقت‪ ،‬وربما‬
  ‫بمعدلات أعلى‪ ،‬بل وامتدت إلى أسواق شرق‬                 ‫وحسب دراساته لا يتحسن الاقتصاد‬
                                                  ‫بالمزيد من الحماية والعشوائية‪ ،‬كما أنه ليس‬
                            ‫آسيا والعالم‪..‬‬       ‫مسؤو ًل عن صب أمواله في مصارف الفساد‬
 ‫لكن ما لم يقله أوريد‪ ،‬ولن يقوله لأن نظرته‬        ‫التي تشرف عليها الحكومات‪ ،‬وتشارك فيها‬
                                                  ‫في كثير من الحالات‪ ،‬مما يحرف القرض عن‬
    ‫منحازة منذ البداية‪ ،‬أن هذه الاقتصاديات‬       ‫أهدافه‪ ،‬ويجعل الدول المقترضة تسعى للمزيد‬
‫تلقت الصدمة وتجاوزتها‪ ،‬وعاد سوق العقار‬             ‫من القروض حتى تغرق تما ًما‪ ،‬وتحتاج إلى‬
‫والسيارات في أمريكا والغرب عمو ًما قو ًّيا كما‬
‫كان‪ ،‬لأن الرأسمالية تمتلك حلولها كما تكمن‬           ‫قروض جديدة لتسد أقساط فوائد الديون‬
‫فيها مشكلاتها‪ ،‬فليست نظا ًما مق َّد ًسا‪ ،‬ولكنها‬     ‫القديمة‪ ،‬وليس أقساط الديون نفسها‪ ،‬كما‬
                                                     ‫يحدث في مصر الآن‪ ،‬حيث تلتهم دفعات‬
    ‫آلية فيها فترات صعود وفترات انكسار‪،‬‬              ‫أقساط الديون وفوائدها حوالي ‪ %53‬من‬
   ‫والحكم عليها لا يكون برصد الانكسارات‪،‬‬
                                                                             ‫الدخل القومي!‬
     ‫ولكن بالقدرة على الصعود مرة ومرات‪.‬‬          ‫هذه الاشتراطات التي يصر عليها الصندوق‪،‬‬
     ‫في معرض نقده للرأسمالية وانتقائيتها‪،‬‬
 ‫ونقد شروط صندوق النقد الدولي‪ ،‬باعتباره‬                 ‫تتسبب في حالات احتقان مجتمعي في‬
  ‫أحد أذرعها الباطشة‪ ،‬يتعرض كتاب «أفول‬               ‫بعض الدول‪ ،‬نتيجة فشل النظم في إدارة‬
    ‫الغرب» للأزمة الاقتصادية التي شهدتها‬               ‫اقتصادياتها وليس بسبب الاشتراطات‬
                                                   ‫ذاتها‪ ،‬بدليل أن بعض الدول نجحت بالفعل‬
       ‫المكسيك في منتصف تسعينيات القرن‬            ‫في استخدام القروض لزيادة نمو اقتصادها‪،‬‬
 ‫العشرين‪ ،‬حيث استجابت لشروط الصندوق‬                  ‫فلماذا تكون الرأسمالية هي المسئولة عن‬
                                                      ‫فشل السلطات المحلية ورعايتها للفساد‪،‬‬
    ‫وبدأت في تحرير اقتصادها «إلا أن نموه‬             ‫وإنفاق مداخيلها‪ ،‬بما فيها القروض‪ ،‬على‬
  ‫كان مرتب ًطا بالاستدانة الكثيفة‪ ،‬لذلك أبدت‬          ‫مشروعات استعراضية لا تد ُّر دخ ًل‪ ،‬أو‬
‫الأسواق المالية تخوفها حول إمكانية المكسيك‬            ‫تحويل الأموال إلى البنوك الأجنبية س ًّرا‬
                                                      ‫تح ُّسبًا لأي قلاقل تستبدل نظم الحكم؟‬
     ‫من تسديد ديونها مع بداية سنة ‪،1995‬‬            ‫النقطة المهمة التي يستند إليها أوريد –ومن‬
    ‫انخفضت سندات الدولة وكان من نتائج‬              ‫معه‪ -‬للتدليل على أفول الرأسمالية الغربية‪،‬‬
   ‫هذا الوضع الذي غ َّذاه الجانب النفسي أن‬
      ‫رفضت البنوك تجديد القروض‪ ،‬وعمت‬                   ‫هي أن سياسة الإقراض العقاري دون‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13