Page 108 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 108
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الأكثـر حضـو ار علـى السـاحة الثقافيـة والعلميـة منـذ عـام 1945م فإنـه لـم يعمـل بهـا معيـدا إلا عـام
1950م ،بعد نيله درجة الماجستير 1949م ،ومع عودتـه مـن فرنسـا حتـى منتصـف السـتينيات .وكان
ذلـك لـم تنقطـع صلتـه بهـا مـن ناحيـة ،وازدادت الأبلـغ تأثيـ ار ،والأغـزر إنتاجـا فـي مجـالات كثيـرة
صلتـه بأحـداث المجتمـع مـن ناحيـة أخـرى عبـر منهـا العلـم واللغـة والفلسـفة والفنـون .فطـه حسـين
أبلـغ مـن مـارس الشـك المنهجـي فـي زمنـه وكانـت عـدة قنـوات منهـا الانفعـال بمـا أسـفرت عنـه الحـرب
لديـه القـدرة والجـ أرة النـادرة علـى أن يصـدم المجتمـع العالميـة الثانيـة مـن نتائـج انعكسـت بالسـلب علـى
العلمـي والثقافـي فـي الجامعـة وفـي خارجهـا فـي أهـم المسـألة السياسـية .ومنهـا الانخـ ارط فـي العمـل
الثقافـي النشـط فـي هـذه الفتـرة ،ومنهـا التوجـه إلـى ثابتيـن مـن ثوابتـه :الديـن والشـعر الجاهلـي.
معـارض الفنـون والرياضـة .وكأنـه فـي كل ذلـك كان
يبحـث عـن الخيـوط القويـة التـي سـتحدد ملامـح ففـي كتابـه «فـي الشـعر الجاهلـي» دعـا إلـى
شـخصيته فيمـا بعـد ويبنـي عليهـا كل مـا يريـد أو هجـر منهـج الترديـد والاجتـ ارر علـى يـد أسـتاذه
سـيد المرصفـي واصطنـاع المنهـج العلمـي كمـا
يخطـط لـه مـن أعمـال. أقرتـه فلسـفة ديـكارت ،كمـا جعـل للديـن موضعـا
لا يبرحـه .فالقـرآن ليـس كتابـا مـن كتـب التاريـخ ففـي النصـف الثانـي مـن الأربعينيـات بعـد تخرجه،
أو العلـم الطبيعـي ،ولكنـه كتـاب هدايـة وصـاح .نضـج وعيـه السياسـي وأفـاق علـى الكارثـة الكبـرى
التي نتجت عن سياسـة بريطانيا وهي زرع إسـ ارئيل وطـه حسـين هـو الـذي كتـب “الأيـام» ونشـرها لينتقـد
علـى الحـدود المصريـة لتفصـل بيـن مصـر والشـرق المجتمـع ومؤسسـاته التربويـة والتعليميـة والسياسـية
العربي «وأصبحت بذلك عاملا يدخل في حسـابات
الحركـة علـى مسـرح الأحـداث المصـري» ..كمـا انتقـادا مؤلمـا.
التفـت بقـوة إلـى تيـا ارت الفكـر الاجتماعـي والسياسـي
التـي تغطـي السـاحة المصريـة مـن أقصـى اليميـن قـ أر سـويف الفلسـفة اليونانيـة وشـغف بهـا
(شـباب محمـد والإخـوان المسـلمين) إلـى أقصـى وبأعلامهـا ،كمـا قـ أر خوالدهـا الأدبيـة والعلميـة ،وقـ أر
اليسـار (التنظيمـات الشـيوعية بأجنحتهـا المتعـددة)، بعدهـا بشـغف رمـوز الفكـر فـي المـوروث الحضـاري
«وكان نصيـب مصـر مـن تلاطـم هـذه الأمـواج العربـي ،ابـن سـينا والفا اربـي وابـن خلـدون ،وكبـار
وفيـ ار؛ لأنهـا جمعـت بيـن( :طليعـة مثقفـة طموحـة، الشـع ارء فـي ت ارثـه وتـ ارث الآخريـن .وكأن هـذا النهـج
وأحـ ازب تتصـارع بأسـاليب تتـ اروح بيـن التهييـج فـي القـ ارءة والتلقـي والتعلـم هـو نفسـه النهـج الـذي
الإعلامـي المتصـل والاغتيـال أو التصفيـة الجسـدية اتبعـه عبـد الرحمـن بـدوي وزكـي نجيـب محمـود
ولويـس عـوض وغيرهـم مـن الأسـاتذة الذيـن اردوا
مـن حيـن لآخـر ،وقصـر ملكـي ارئحتـه عفنـة)”. الطريـق أمـام سـويف وسـار فيـه أق ارنـه أيضـا
مـن أمثـال :شـكري عيـاد ،وعـز الديـن إسـماعيل،
فـي هـذا المخـاض الاجتماعـي العنيـف -الـذي ومصطفـى زيـور ،ومصطفـى صفـوان ،ويوسـف
جمـع المثقفيـن والتيـا ارت الفكريـة والدينيـة والأحـ ازب الشـاروني ،وعبـد الرحمـن الشـرقاوي ،وفتحـي غانـم،
والقصر -أبصر سـويف طريقه ،فاكتشـف أن هذه وأحمـد بهـاء الديـن ،ممـن يكونـون المسـار الثانـي
الفتـرة النصـف الثانـي مـن الأربعينيـات ،مزدهـرة وهـو المسـار الثقافـي العـام.
بالنشـاط الصحفـي مـن جهـة ،وبـالأدب السياسـي فلـم يكـن هنـاك خـط فاصـل قاطـع ومانـع بيـن
مـن جهـة أخـرى .فظهـرت جريـد “الزمـان” و” أخبـار الجامعـة المصريـة ومـا تمـور بـه الأحـداث فـي
اليـوم” و” الـوادي” و” الجماهيـر” و” النـداء” و” المجتمـع .فـإذا كان سـويف قـد تخـرج فـي الجامعـة
108