Page 115 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 115
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
علـى د ارسـة مسـألة الإبـداع فـي الفنـون بدأهـا سـويف سـويف علـى هـذا الاكتشـاف قائـا“ :وتبلـورت
بد ارسـة «الأسـس النفسـية للإبـداع الفنـي فـي الشـعر أمامـي فجـأة حياتـي التـي أنـا مقبـل عليهـا .سـوف
خاصـة» وقدمهـا لجمهـور القـ ارء عـام 1951م فـي أدرس الأسـس النفسـية للإبـداع الفنـي فـي الشـعر.
الطبعـة الأولـى .فمـاذا عـن هـذا البحـث ،ومـاذا عـن كانـت هـذه الصيغـة اختـ ازلا بليغـا لـكل مـا اعتبرتـه
الأسـئلة الكبـرى التـي تبناهـا وحققـت علميتـه؟ جميـا وجليـا فـي فتـرة تكوينـي المبكـر”.
أما عن بحث الإبداع بحثا تجريبيا ،فلم يكن ميدانا فلسـفة الجمـال مبحـث مـن أهـم مباحـث الفلسـفة
مطروقـا مـن قبـل كمـا ذكـر يوسـف مـ ارد ومصطفـى الأربعـة وهـي( :مبحـث الوجـود .مبحـث الكـون.
سـويف .فقـد مـر التجريـب فـي علـم النفـس بعهديـن مبحـث الأخـاق .مبحـث الجمـال) .وماهيـة الجمال
بـدأ الأول منهمـا علـى يـد الألمانـي فنـت الـذي أنشـأ -كمـا تتبـدى فـي الفنـون ،وفـي الطبيعـة -ماهيـة
غامضـة اجتهـد الفلاسـفة فـي الحديـث عنهـا .فمنهـم أول معمل سيكولوجي في ليبزج عام 1879وسبقه
مـن ردهـا إلـى مصـادر مفارقـة للواقـع الاجتماعـي فيختـر 1860م بنشـر كتابـه فـي السـيكوفيزيقا عـن
مثـل الآلهـة وربـات الجمـال ،ومنهـم مـن ردهـا إلـى صلـة التنبيـه بالإحسـاس .وأهميـة هـذه المحاولـة
الوجـدان والانفعـال فـي ذات المبـدع وفسـروا مسـألة تكمـن فـي أن فيختـر نقـل بحـث الجمـال والخبـ ارت
الإبـداع إمـا بالإلهـام وإمـا بالمحـاكاة .ولكنهـم توقفـوا الجماليـة مـن مجـال العلـوم الفلسـفية إلـى مجـال العلم
طويـا عنـد المتلقـي واسـتجابته للجمـال وتأثيـر التجريبـي .فالتأمـات الفلسـفية فـي أريـه ينبغـي أن
هـذه الاسـتجابة علـى سـلوكه وحواسـه ووجدانـه .تسـتند إلـى مـا يقدمـه الواقـع مـن معلومـات ثابتـة
وظلـت هـذه المسـألة مسـألة يشـوبها الغمـوض لعـدم لا يمكـن الحصـول عليهـا والتأكـد مـن صحتهـا إلا
قـدرة الفلاسـفة علـى تعليـل هـذه الاسـتجابة أو تلـك بالاعتمـاد علـى المنهـج العلمـي.
ولكـن هـذه البدايـة كانـت -مثـل كل البدايـات تعليـا علميـا يسـتند إلـى ب ارهيـن حسـية .ومـن ثـم
-بسـيطة لـم تلتفـت إلـى ظاهـرة الإبـداع عامـة فـي ظـل علـم الجمـال وموضوعـه التـذوق والاسـتجابة
الفـن والعلـم والتكنولوجيـا وأنشـطة الحيـاة اليوميـة. الجماليـة أسـير المنهـج الاسـتدلالي الـذي يخضـع
لذلـك يـرى سـويف أن البدايـة الحقيقيـة كانـت للب ارهيـن العقليـة بغـض النظـر عـن اقت اربهـا أو
بالبحـث الـذي ألقـاه جيلفـورد فـي جمعيـة علـم النفـس
بعدهـا عـن الواقـع.
لذلـك كان سـؤال يوسـف مـ ارد لتلميـذه سـويف الأمريكيـة ونشـره عـام 1950م تحـت عنـوان “قـدرة
«ولـم لا تـدرس موضـوع الجمـال فـي إطـار مـن علـم الإبـداع» ،ثـم ازداد اهتمـام العلمـاء بالإبـداع فعقـدوا
النفس؟” سـؤالا كاشـفا وباعثا على الإثارة والشـغف .لـه مؤتمـ ار 1955م نشـر فيـه واحـد وعشـرون بحثـا.
فهـو يعنـي ببسـاطة ،الانتقـال مـن منهـج إلـى منهـج ،وبـرز فـي هـذا المجـال جيلفـورد الـذي نشـر عـددا
ومـن مجـال إلـى مجـال ،فد ارسـة الجمـال ليسـت رهنـا مـن البحـوث أو شـارك فيهـا فـي المـدة مـن -1950
1975م. بعلـم الجمـال كمـا صورتـه الفلسـفة ،والجمـال مـع
أنـه ذو وجـود مسـتقل فـي الفنـون والطبيعـة ،يسـهل
ولعلنـا نلحـظ مـن هـذا السـياق التاريخـي أن البدايـة ترويضـه إذا غيرنـا المنهـج مـن الاسـتدلال العقلـي
الحقيقية لبحوث الإبداع من منظور تجريبي ،كانت
ممـا كتبـه جيلفـورد عـام 1950م ،وأن البحـث الـذي إلـى التجريـب والاختبـار وتمحيـص الفـروض.
فالبدايـة كانـت سـؤالا اسـتولد بقيـة الأسـئلة التـي كتبـه سـويف عـن الإبـداع فـي الشـعر أنجـزه عـام
تبلورت في بحث ارئد مؤسس لمدرسة علمية توفرت 1949م بعـد مناقشـة علنيـة فـي جامعـة القاهـرة،
115