Page 37 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 37

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                 ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية‬
‫في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية‬

         ‫أ‪.‬د‪ /‬شادية علي قناوي‬

‫أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب جامعة ‪ -‬عين شمس‬
‫سفير مصر ومندوبها الدائم الأسبق لدىمنظمة اليونسكو‬

‫رصـد تأثيـر المتغيـ ارت المعاصـرة علـى كل مـن‬                                                  ‫مقدمة‪..‬‬
‫السـاحتين الدوليـة والإقليميـة علـى العلاقـات‬
‫المصريـة الأمريكيـة فـي المجـال الاجتماعـي‪ ،‬ذلـك‬           ‫ممـا لا شـك فيـه أن د ارسـة وفهـم الظواهـر والنظـم‬
‫المجـال غيـر المنفصـل عـن المجـالات السياسـية‬              ‫والعلاقـات الاجتماعيـة المعاصـرة للمجتمعـات‬
‫والاقتصاديـة‪ ،‬بـل والمحتـوم بهمـا‪ ،‬وكـذا المتمفصـل‬         ‫الإنسـانية لا يمكـن أن يتـم اليـوم ‪ -‬أكثـر مـن أي‬
‫فـي ذات الوقـت مـع المجـال الثقافـي‪ ،‬وهـو الأمـر‬           ‫وقـت مضـى ‪ -‬دونمـا رصـد دقيـق لتأثيـر المتغيـ ارت‬
                                                           ‫العالميـة والإقليميـة علـى السـاحة المحليـة لـكل مـن‬
     ‫الـذي سـيتم التركيـز عليـه فـي هـذا العمـل‪.‬‬           ‫المجتمعـات الناميـة‪ ،‬والمتقدمـة علـى حـد سـواء‪ ،‬وإن‬
                                                           ‫كان للـدول الناميـة فـي هـذا الشـأن وضـع خـاص‪.‬‬
‫مـن هنـا يجـب أن أشـير إلـى أن تحليـل أثـر‬                 ‫(سـوف يتـم مناقشـة ملامحـه وآلياتـه فـي الصفحـات‬
‫المتغيـ ارت الدوليـة والإقليميـة علـى العلاقـات‬
‫المصرية الأمريكية ‪ -‬اليوم ‪ -‬يفرض علينا التعمق‬                                         ‫التاليـة لهـذا العمـل)‪.‬‬
‫في تلك التحولات الكونية المعاصرةوغير المسبوقة‪،‬‬
‫التـي يعيشـها العالـم بأسـره‪ ،‬والتـي ترجـع بالأسـاس‬        ‫ودون الدخـول فـي تفاصيـل ودقائـق بدايـة‬
‫إلـى آليـات تطـور النظـام ال أرسـمالي فـي المجتمعـات‬       ‫العلاقـات السياسـية بيـن مصـر والولايـات المتحـدة‬
‫الغربيـة المتقدمـة‪ ،‬والوصـول إلـى مرحلـة العولمـة‪.‬‬         ‫الأمريكيـة (التـي ترجـع إلـى القـرن ‪ 19‬بتوقيـع‬
‫وبالتالـي سـيكون محـور الاهتمـام ووحـدة الفهـم‬             ‫المعاهـدة الأمريكيـة ‪-‬التركيـة فـي ‪ 7‬مايـو ‪،1830‬‬
‫والتفسـير للتحـولات العالميـة والإقليميـة والمحليـة‬        ‫ثـم افتتـاح قنصليـة الولايـات المتحـدة الأمريكيـة‬
‫المعاصـرة هـو العولمـة الليب ارليـة بـكل أبعادهـا‪،‬‬         ‫فـي عـام ‪ ،)1832‬ودون الدخـول فـي تفاصيـل‬
‫وبالتركيـز علـى الأبعـاد الثقافيـة والاجتماعيـة لهـا‬       ‫تاريـخ العلاقـات المصريـة الأمريكيـة‪ :‬السياسـية‬
‫تحديـدا‪ ،‬وأثـر ذلـك علـى العلاقـات المصريـة‬                ‫والاقتصاديـة والعسـكرية والثقافيـة عبـر الحقـب‬

                                    ‫الأمريكي ـة‪.‬‬                                                ‫ا لمتوا لي ـة ‪.‬‬

            ‫أولا‪ :‬العولمة والمتغيرات الدولية‪:‬‬              ‫إلا أننـا فـي هـذا المقـام يجـب أن نؤكـد ‪ -‬مـن جهـة‬
                                                           ‫‪ -‬علـى أهميـة ومحوريـة واسـت ارتيجية هـذه العلاقـة‬
‫شـهدت الم ارحـل المختلفـة لتطـور النظـام‬                   ‫لـكل مـن الدولتيـن علـى المسـتويين الرسـمي (النظـام‬
‫الاقتصـادي ال أرسـمالي ‪ -‬منـذ نشـأته وحتـى الآن ‪-‬‬          ‫الحاكـم) والشـعبي (المجتمـع بنظمـه وأفـ ارده)‪ ،‬وأن‬
‫بلـورة آليـات اقتصاديـة وسياسـية وثقافيـة عـدة‪ ،‬سـواء‬      ‫لا نغفـل ‪ -‬مـن جهـة أخـرى ‪-‬حالـة تأرجـح تلـك‬
‫علـى المسـتوى المحلـي للمجتمعـات الغربيـة‪ ،‬أو‬              ‫العلاقـات بيـن التعـاون والصـ ارع منـذ بدايـة هـذه‬
‫علـى المسـتوى الخارجـي (الدولـي)‪ ،‬اسـتُخدمت (ولا‬
‫تـ ازل تُسـتخدم) لدعـم هـذه المنظومـة الاقتصاديـة‬                                   ‫العلاقـات وحتـى الآن‪.‬‬
‫وتحقيق مصالحها‪ .‬وما يعنينا هنا هو الآليات التي‬
                                                           ‫إلا أن مـا يعنينـا فـي هذاالجـزء مـن العمـل هـو‬

                                                       ‫‪37‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42