Page 41 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 41

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫سـلب ونهـب مـوارد الـدول غيـر الأوروبيـة‪ ،‬وحمـات‬              ‫التبعيـة للاقتصـاد العالمـي قـد ازدت عمـا كانـت‬
‫الاحتـال‪ ،‬والاسـتعمار العسـكري لهـذه الـدول لإنفـاذ‬           ‫عليـه قبـل تسـيد هـذا الاقتصـاد المعولـم‪ .‬فالـدول‬
‫الأهـداف المطلوبـة‪ ،‬لتحقيـق المصالـح الاقتصاديـة‬              ‫العربيـة لا ازلـت تعمـل علـى تصديـر رءوس أموالهـا‬
‫والاسـت ارتيجية للـدول الأوروبيـة‪ ،‬وأمريـكا واليابـان‪،‬‬        ‫لبنـوك الخـارج‪ ،‬ولـم تحصـل فـي المقابـل إلا علـى‬
‫فـإن آليـة العولمـة الليب ارليـة فـي إنفـاذ نفـس المهمـة‬      ‫القليـل مـن الاسـتثما ارت الأجنبيـة‪ ،‬مقارنـة بـدول‬
‫اعتمـدت علـى تكنولوجيـا المعلومات‪،‬والمعلوماتيـة‪،‬‬              ‫أمريـكا اللاتينيـة‪ ،‬ودول جنـوب شـرق آسـيا‪ ،‬والـدول‬

                   ‫وحـروب الجيـل ال اربع‪...‬إلـخ‪.‬‬                                            ‫الأولـى بالرعايـة‪.‬‬

‫ومـن ثـم كانـت المنظومـة الثقافيـة هـي المجـال‬                ‫حيـث يشـيرتقرير البنـك الدولـي ‪“ -‬إدارة حكـم‬
‫العـام الأساسـي الـذي تتـم فيـه‪ ،‬ومـن خلالـه السـيطرة‬         ‫أفضـل لأجـل التنميـة فـي الشـرق الأوسـط وشـمال‬
‫علـى مجتمعـات الـدول الناميـة‪ ،‬باختـ ارق ثقافاتهـا‬            ‫إفريقيـا” لعـام ‪ - 2004‬إلـى أن العالـم العربـي‬
‫بـكل الوسـائل الحديثـة والسـبل الممكنـة‪ ،‬لتوجيـه‬              ‫يحصـل فقـط علـى ‪ %1‬مـن مجمـوع الاسـتثما ارت‬
‫نظمهـا السياسـية‪ ،‬وتشـكيل نظمهـا الاقتصاديـة‬                  ‫الأجنبيـة‪ ،‬مقابـل حوالـي ‪ %58‬لـدول جنـوب شـرق‬
‫بفعـل أدوات ووسـائل داخلية‪/‬محليـة‪ ،‬لخدمةوتعزيـز‬               ‫آسـيا‪ ،‬و‪ %28,8‬لـدول أمريـكا اللاتينيـة‪ .....‬فلـم‬
‫مصالـح واهتمامـات القـوى العظمـى فـي هذه المرحلة‬              ‫يتجـاوز متوسـط النمـو الاقتصـادي السـنوي للفـرد‬
‫التاريخيـة مـن عمـر البشـرية‪ ،‬هـذه المرحلـة التـي‬             ‫فـي منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا ‪،%0,9‬‬
‫عـرف فيهـا العالـم وعايـش تداعيـات حالـة التخلـي‬              ‫أي أقـل حتـى مـن المعـدل فـي دول جنـوب الصحـ ارء‬
‫عـن مبـدأ تـوازن القـوى‪ ،‬وتفـرد الولايـات المتحـدة‬
                                                                                             ‫الإفريقي ـة‪)10(.‬‬
                      ‫الأمريكيـة بزعامـة العالـم‪.‬‬
                                                              ‫هـذه الحالـة مـن الت ارجـع الاقتصـادي‪ ،‬ومـن ثـم‬
‫مـن ثـم يمكـن القـول‪:‬إن أهـم متغيـر عالمـي خبرتـه‬             ‫الاجتماعـي‪ ،‬والإنسـاني توضحهابجـاء البيانـات‬
‫دول العالـم فـي هـذه الفتـرة كان تصديـر الولايـات‬             ‫الـواردة فـي التقاريـر الدوريـة الدوليـة للبنكالدولـي‪،‬‬
‫المتحـدة نمـوذج القيـم الأمريكيـة‪ ،‬والـذي تقـع علـى‬           ‫والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة‪ ،‬كاليونيسكو‪،‬‬
‫قمتـه «الديمق ارطيـة الليب ارليـة»‪ ،‬حيـث إنهـا كانـت‪،‬‬         ‫واليونيسـيف‪ ،‬وخاصـة التقاريـر الصـادرة حـول حالـة‬
‫ولا ازلـت علـى قناعـة بـأن تقـدم الإنسـانية لايمكـن أن‬        ‫التنميـة البشـرية فـي دول العالـم فـي ظـل الآليـات‬
‫يتحقـق إلا باتبـاع نهـج واحـد فقـط يتمثـل فـي اتبـاع‬
                                                                                     ‫المعاصـرة للعولمـة‪)11(.‬‬
          ‫النظـم السياسـية والاقتصاديـة والثقافيـة‪.‬‬
                                                              ‫ثانيــا‪ :‬العولمــة الليبراليــة متغيــر حاكــم فــي‬
‫وفـي ظـل ثـورة المعلومـات ‪ -‬وانتشـار الإنترنـت‬                                           ‫العلاقــات الدوليــة‪:‬‬
‫وحريـة اسـتعماله ‪-‬اسـتخدمت أمريـكا هـذا التقـدم‬
‫التقنـي لبـث قيمهـا «الديمق ارطيـة الليب ارليـة» فـي‬          ‫تعـد العولمـة الليب ارليـة هـي أبـرز المتغيـ ارت‬
‫كل دول العالـم‪ ،‬ومنهـا المنطقـة العربيـة‪ ( ،‬ارجـع‬             ‫والتحـولات الكونيـة التـي يعايشـها العالـم اليوم‪.‬فـإذا‬
‫مـا قامـت بـه العديـد مـن منظمـات المجتمـع المدنـي‬            ‫كانـت الموجـات الاسـتعمارية الأولـى‪ ،‬والتـي أعقبتهـا‬
‫الأمريكيةفـي إعـداد وتأهيـل وتدريـب الشـباب‬                   ‫موجـة الاسـتعمار الجديـد والإمبرياليـة‪ ،‬ثـم الولـوج‬
‫المصـري‪ ،‬لحمـل اريـة الاحتجاجـات والهبـات‬                     ‫إلـى مرحلـة المجتمـع الكونـي المعولـم كانـت الآليـات‬
                                                              ‫المسـتخدمة فيهـا جميعـا آليـات وأدوات ماديـة‬
          ‫الجماهيريـة فـي ‪ 25‬ينايـر ‪.)2011‬‬                    ‫وعلميـة (كمـا سـبق الإشـارة)‪ ،‬والتـي تمثلـت فـي‬

                                                          ‫‪41‬‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46